الخميس، 31 ديسمبر 2015

العزيزة التي لا يجب ذكر اسمها لأسباب لا مجال لذكرها الآن
كتبت ذات مرة - او للدقة نسخت - بداية عهدي بالفيسبوك احد تلك العبارات التي كنا نظن في ايام مراهقتنا البعيدة تلك ان خلاصة حكمة الكون و تجارب الأوائل مركزة في تلك العبارات، فكنا ننسخها دون ان نلتفت لفحواها فما يهم هو أن نظهر بمظهر العارفين بتلك الحكم التي سينهار العالم بدونها بكل تأكيد:
"It's amazing when strangers become friends but it's so sad, when friends become strangers"
علي الرغم مما اثارته تلك الكلمات في نفسي من ضحك وسخرية بعد سنوات من كتابتها وتعجبت من المراهق الذي كنت، لكنها الآن تخطر دوما في ذهني كلما استغرقت في التفكير.
بدأت الغربة مع هؤلاء الأصدقاء الذين لم اعد اسمع عنهم بالشهور دون أن اشعر لافاجئ عندما احاول ان اتذكر متي كانت اخر مرة تحدثنا ان هذا كان منذ رمضان الفائت، وان الحديث اقتصر فقط على معايدة باهتة وسؤال عن اخبار العمل المملة و الجيش الاكثر مللا اما تلك التفاصيل الصغيرة التي كانت تصنع صداقتنا فقد اختفت تماما...
هكذا يصبح الأصدقاء غرباء عزيزتي، لا يكون الامر بتلك الصورة الكارتونية التي كنا نتخيلها ونحن اطفال صغار باننا لن نتحدث ثانية لهذا سنصبح غرباء، الحقيقة اننا سنتحدث لكن ستختفي تفاصيلنا الصغيرة رويدا رويدا حتي تحل الغربة محلها. حدثتك من قبل عن صديقي عاصم هذا الذي اختار ان يسافر سريعا بعد التخرج و لم نتحدث وجها لوجه منذ عام، احرص على التواصل معه كلما سنحت الفرصة ، ربما انا اكثر اصدقائنا المشتركين تواصلا معاه، لكنني اخاف تلك اللحظة التي ستحين بعد ايام قليلة واقابله فيها، اخاف من ان اشهد تلاشي تفاصلينا الصغيرة، الامر قد يبدو سخيفا نوع من " الدراما كوين مومنتس " كما كان يحلو لك تسميتها لكنه يظل خوف كامن يثير الهواجس والفزع في ليل الشتاء الطويل وبرودته التي تجمد الأرواح.
الأمور ليست بهذا السوء بالطبع فلازال هناك الكثير من الأصدقاء الذين ازدادوا قربا ولم يبتعدوا لكن هذا لا يمنع ان الخوف من المستقبل لا يزال قائما فسنة واحدة فقط هي التي مرت منذ ان تفرقت سبلنا و لا اعرف كيف سيكون الوضع بعد عدة اعوام.
كتب د/اشرف الشريف منذ ايام قليلا ناعيا استاذا له تفرقت بهم السبل حتي فوجئ بوفاته نصا جميلا اختتمه باقتباس معدل من ثلاثية محفوظ:
..."و كما قال كمال عبد الجواد لنفسه عندما تلقي بالمصادفة خبر وفاة عايدة شداد بعد إنقطاع اكثر من ١٥ عاما في خاتمة ثلاثية نجيب محفوظ اقولها ايضا : "فان كان ثمة حزن الان فذلك فقط لاني لم احزن عليك يا شهاب كما كان يجدر بي"
هذا هو اكثر ما يخيف ان تصل الامور لتلك الدرجة و يتحول هؤلاء الأصدقاء لماضي بعيد يثير الدهشة في نفسي عندما اتذكره، و احزن لحلول الغربة بدلا من حزني علي الأصدقاء ذاتهم. الخوف من تحولك انت ذاتك لشبح من ماضي بعيد لشخص لن اعرفه حينها رغم ان هذا الشخص هو انا، هذا الخوف هو الذي كان ماثلا امام عيني دوما في الايام العاصفة الفائتة وسيظل دفينا في اعماق نفسي علي الدوام  فكل تلك الثرثرة لن تغير من حقيقة ان هذه هي طبيعة الحياة.
المخلص دوما
محمود

الأحد، 27 ديسمبر 2015

نهايات ديسمبر

بعد ٤ ايام بالظبط هنبقي في سنة ميلادية جديدة، دايما بحب البدايات، بتفائل بيها مش هنكر. اعتقد ان اللي اخترع فكرة البداية اخترعها بالهدف ده، ان الناس تتفائل تحس ان ممكن تستغل البداية الجديدة عشان تحسن حياتها. خايف من اللي بعد الجيش، خايف من اهتزاز شخصيتي اللي بمر بيه دلوقتي بس في نفس الوقت متشوق جدا للبداية اللي بعد الجيش. السنين اللي فاتت كلها كانت بداية السنة بالنسبة لي اواخر واحد بعد الامتحانات، السنة ديه هتتاخر شهرين و هتبقي ١-٣-٢٠١٦. هحس بسعادة كبيرة جدا بسبب ان البداية المرة ديه بتمثل نهاية مرحلة سيئة الحمد الله.
 
الوضع كالتالي:
قاعد في مكتب اللواء سيد اللي قضيت فيه ٨ شهور من جيشي وناقصلي شهرين، بفكر في كل اللي حصل في ٢٠١٥ و في الايام القادمة المجهولة حتى الآن. عندي خطة واضحة في دماغي بس خايف اني معرفش انفذها واني اكون فقد اصراري او لمستي السحرية زي ما بسميها بيني وبين نفسي. امبارح كنت فاضي قعد اقلب في تايم لاين الفيسبوك بتاعي وفي مدونتي، اسلوبي في الكتابة تطور وديه حاجة حلوة، كتبت في المدونة اكتر من اي سنة من ساعة لما عملتها، يمكن اكثر النصوص مؤلمة بس مش مهم ساعدتني كتير اني اتخطى الألم، يمكن الحاجة الوحيدة اللي كدرتني بخصوص الكتابة السنة ديه ان اكتر شخص كانت بتخصه النصوص الحلوة اللي كتبتها مشفهاش في الأغلب.
 
كنت بتكلم مع علاء امبارح اني حاسس اني فاشل في وسط مناقشتنا، قالي بس انت حافظت على صداقاتك حلو جدا و ان الناس بتحبك و قعد يقولي ازاي انا لسة محافظ على معظم صحابي، معاه حق الصراحة بس انا مكنتش واخد بالي لان الانسان لما بيحس انه وحش في حاجة ما مش بياخد باله من باقي الحاجات. يمكن احساس الترك واحساس اني متاخر البي كانوا بيهاجموني السنة ديه بالتبادل طردوا كل الحاجات السحرية اللي المفروض ابقى ممتن اني مريت بيها بس لما بفكر في لحظات هدوئي بفتكر الحاجات الحلوة اللي بسطتني السنة ديه وببتسم

قريت كتب كتير اغلبها اعادة قراءة، في المجمل كانت سنة جيدة على المستوى ده. فقد محمود فؤاد وده اسوء حاجة حصلت السنة ديه ربنا يرحمه هو وياسمين.
 
بقيت اكثر جرأة في الكتابة ومبقتيش اهتم اني اخبي مشاعري والحاجات الحلوة اللي بحسها او اني اكتب اي نص جميل طالما مفهوش حاجة غلط او ابتذال، يمكن التجربة اللي مريت بيها هي السبب او يمكن الجيش معرفش، بس اللي اعرفه ان دلوقتي احسن.
 
امنية اخر السنة هي ان روحي تنعم بالهدوء النفسي مهما كانت نتايج خططي طالما عملت اللي عليا و يارب انعم بالعدوء ده قبل نتيجة اول خطوة جدية في ٢٠١٦ اللي هتحين بعد اسابيع قليلة ان شاء الله.
 
اخر حاجة كل اللي بيقرا في المدونة هنا انا ممتن ليه جدا حتي لو منعرفش بعض و بتمناله عام سعيد ^_^

الأربعاء، 16 ديسمبر 2015

رسالة لن ترسل ...

في  قصة مشهورة قرأتها قبل كدة بتحكي ان في شخص كان بيحب واحدة فهي طلبت منه انه يجي كل يوم تحت شرفتها يطلبها للزواج لمدة 100 يوم عشان توافق، هو فعلا نفذ طلبها بس جيه عند الليلة 99 و قرر انه ميجيش تاني، زهق رغم انه في الغالب لسة بيحبها ويمكن مش هيحب حد تاني قد حبه ليها، بس هو محسش انه بتبادله نفس الحب ده لأنها لو بتبادله نفس الحب عمرها ما كانت هتخليه يترجي حبها ده كل الليالي ديه.

القصة ديه بتدور في دماغي بقالها فترة، بفكر اني في لحظة من اللحظات ممكن اعمل ده وفي الاغلب هتكون لحظة قريبة من لحظة النهاية السعيدة

انا كل لما يحصل مشكلة بفتكر البداية الحلوة اوي اللي مش منطقي ابدا ان ديه نهايتها،و الذكريات ديه هي اللي بتخليني اكمل بس مؤخرا بقيت اسأل  ازاي الأمور وصلت للدرجة، ازاي ابقي شايف الناس السيئة حواليها ومقدرش اقولها خدي بالك منهم عشان متفهمش غلط، ازاي مقدرش ابعت اللي في دماغي من ناحيتها بسهولة زي ما كنت بعمل زمان، ازاي ان خوفي يبقي هو المسيطر عليا وابقي ميال اني اكتفي بالنهاية المبتورة ديه لاني عارف ان السحر اللي عملته و هعمله مش هيكون كافي ابدا...

هيظل السؤال ليه كل ده ليه الدنيا ممشيتش حلوة، وليه اتحول لشخص هيخاف من الم جديد يصيبه فيقرر يهرب ويستخبي وخوفه هو اللي يمشيه، ويبقي الحاجة اللي حاول يصلحها فيها تصيبه هو. 

التدوينة ديه مثلا نموذج لرسالة مقدرتش ابعتها ومكملتهاش فقررت اكتب اللي في دماغي منها هنا وحتى اللي كتبته ده حاجة مشوشة معرفش انا عاوز ايه مؤكد معرفش هل خلاص خوفي بينتصر ولا ده مجرد أوهام وانا لسة مسيطر.

السبت، 12 ديسمبر 2015

على سبيل الذكري


امبارح 11-12-2015 الواد زياد جابلنا (انا وشامي وبنا) سينابون احتفالا بعيد ميلادي، بسطتني الصراحة رغم اني معرفتش اعبر قد ايه انا مبسوط في حينها 

امبارح شفت عاصم الشيمي وشامي بعد غياب طويل كانت قعدة لطيفة وطبعا مخلتش من الهري والهرطقة المعهودة من عاصم :D :D 

انهاردة زعلت زعل " هو ليه كدة وانا بفكر في مصلحتها وازاي ابسطها وهي العكس تماما" نمت ساعة متنكد بسبب الموقف اللي حصل، كنت فاكر ان كل الحاجات السيئة انتهت وخلاص، لما صحيت وقولتلها اتحججت بحجة معرفش صح ولا غلط بس انا صدقتها لاني مش عارف اشوف حاجة وحشة منها :))

فاضل 79 يوم مش كفاية جيش كدة بقي :))

 

الجمعة، 4 ديسمبر 2015

اشارات خاطئة و حنين لا ينتهي



ظننت ان كل شيء قد انتهي. نوبات الحنين، الألم الذي لا يطاق، الأسئلة التي لا جواب لها. لم يتبق سوي الهدوء النفسي، الرضا الذي يتبع النهاية. قررت أن انهي الأمور بطريقتي الخاصة، لا أحب النهايات المبتورة، أقرر صنع نهايتي الخاصة. لكن الأمور كانت صعبة لدرجة أنني لكي أقوم بفعل ساحر أنهي به الأمور ترددت كثيرا، كنت على وشك الاكتفاء بالنهاية المبتورة، لكن مرة أخرى الاشارات تطادرني، تدفعني دفعا لاتمام نهايتي الخاصة، أتبعها لمرة أخيرة رغم أنني حتي اتمام النهاية كنت مترددا غير مقتنع لكن لا بأس بمرة أخيرة، لا أخبر أحد بالنهاية التي اخترتها سوى عمرو صديق.

بعد اتمام النهاية لم أمر بموجات الحنين والألم وكل تلك الأشياء الأخرى. حسنا مررت ببعضها لكنها كانت ومضات من حين لآخر، يمكن التعامل معاها بسهولة، الطرف الآخر سيعلم بالنهاية في وقتها المناسب، رغم ما تحمله تلك النهاية من آمال في بداية جديدة، لكنني أعلم في قرارة نفسي أنه لا بدايات جديدة،لم أكن سأصدم اذا تم تجاهل تلك الآمال الخفية منها، بدأت في اتخاذ قرارات بخصوص المرحلة القادمة من حياتي، ظننت أن كل الأشياء على ما يرام، لكنني كنت مخطئا...

جاءت وفاة فؤاد لتثير مكامن الهشاشة في نفسي الضعيفة، لتخبرني أن كل ما كنت أظن هو محض أوهام، عادت موجات الحنين لتصيبني بضراوة، لازالت متحكما بها لكن بالكاد، أفكر في كل ما حدث، الأسئلة التي نجحت في تجاهلها عن ماهية ما حدث ولماذا حدث عادت بقوة، الصور استردت وظيفتها القديمة في نفخ نيران الذكريات، بقايا الغضب تشتعل ببطء من بين الرماد. أصبحت اتسائل بكثرة هل كان تصرف سليم مني أن اتبع الاشارات، ماذا لو كانت اشارات خاطئة، ماذا لو أن تلك النهاية التي صنعت هي سبب عدم انتهاء نوبات الحنين. أفكر ان الحب انتهي كأنه لم يكن بمجرد أن أري صورتها ثم مع الصورة التالية أجد الحب حاضرا بكل قوة.

لم أعد أملك سوى الدعاء أن تكون تلك الهشاشة مؤقتة مقرونة بوفاة أحد أحب أصدقائي لقلبي، وأنه الزمن وحده قادر على ترميم كل تلك  الهشاشة...

الاثنين، 30 نوفمبر 2015

فؤاد

افتح الفيسبوك افاجئ ببوست مكتوب فيه ان ياسمين مؤمن قد توفيت، انظر سريعا في التعليقات لاجد التعديل الذي سيخبرنا ان المقصود احد اقاربها وليس ياسمين نفسها بالتأكيد الأمر خطأ من صاحبة البوست ولكنني بدلا من التعديل اجد خبر اشد فجاعة بشمهندس محمود مصاب وحالته حرجة، ثم بعدها بدقائق اجد بوست لخالد يحيي مكتوب به كلمتين فقط فؤاد مات...
 
لا زالت لم استوعب الامر بعد كيف يحدث هذا ولماذا يحدث هذا، هو قدر الله الذي لن يفهمه مخنا البشري العاجز لكننا يجب أن نقبل به، اغالب دموعي بينما انا في طريقي للمقطم استعدادا لتأمين الانتخابات، اكلم علاء لأساله ماذا يريد ان يأكل، يرد علي بصوت مخنوق ودموعه لم تجف بعد لكنني لا اعلق فهذا ليس وقت التعليقات، اتحدث كأنني لم الاحظ شيء، بينما قلبي يدمي.
 
اندمج مع رفاق الجيش، اضحك قليلا كأنني لم اسمع منذ قليل أحد ابشع اخبار ٢٠١٥، كأنها مزحة ثقيلة وسيكلمني محمود بعدها يخبرني بصوته الودود "دوول بيهزروا يا افندم " ، او وربما لانني لا استطيع ان اظهر حزني بينما مئات الجنود يحيطون بي، اندمج وأنا اعلم ان الحزن مؤجل فالأمر اشبه بالجندي الذي يصاب برصاصة في جسده لا يكتشفها إلا عندما ينبهه أحد رفاقه.
 
فؤاد و ياسمين الذين حضرت كتب كتابهم منذ شهور قليلة اختفوا من حياتنا في لحظة ويجب علينا ان نتعامل مع الأمر وان تستمر الحياة كأن شيء لم يحدث، نفس الطريق الذي مات عليه عمر اسامة يموت عليه الآن مزيد من الأحبة، أصبحت اكره كلمة وادي النطرون كلما سمعتها سأتذكر فؤاد وياسمين وعمر و الجروح التي لن تندمل...
 
لسبب مجهول احتفظت بكارت كتب كتابهم، لم اخرجه من محفظتي منذ ان امسكته بيدي، ليست عادتي حتي لو اردت ان احتفظ بكارت لا احتفظ به في محفظتي، البارحة فقط عرفت لماذا احتفظت به هو  الذكري الأخيرة من فؤاد.
 
البشمهندس الذي احببته اكثر من غيره طوال سنوات دراستي في الكلية، البشمهندس الذي طلبت مساعدته في الالكترونكس علي النت فاعطاني بكل اريحية رقمه لاكلمه في اي وقت فهكذا سافهم اكثر، محمود الذي جاء لنا ليساعدنا في ساعة متأخرة من الليل وسهر معانا  عندما كنا علي بعد امتار قليلة من بيته  منهمكين في مشروع السنة الثالثة رغم انه لم يكن يدرسلنا حينها، الصديق الذي لم يبخل علي ابدا بنصائحه، هو من اوائل الناس الذين سألتهم عن الحيرة بين الكلية والشغل في شركة، الصديق الذي كنت افكر دوما انني سأكون سعيدا اذا عملت بنفس شركته،الصديق الذي فرحت  بطفولية عندما علمت انه خريج مدرستي، فهذا رابط آخر يربط بيننا.
 
منذ اسابيع قليلة كان عيد ميلاده اهنئه فيخبرني انه يفتقدني، اوعده انني سأقابله اجازتي القادمة ولكن اجازتي القادمة آتت دون فؤاد، حتى انني لم اودعه الوداع الاخير، انام في مدرسة في المطرية بينما فؤاد يرقد علي بعد مئات الكيلومترات في مثواه الأخيردون ان اقول سلاما ولا استطيع ان افعل شيء حيال هذا...
ياسمين ذات الوجه الملائكي التي لم اعرفها شخصيا لكنها كانت زمليتي في الدفعة  لن نراها ثانية، لن نري ابتسامتها الملائكية وهي بجانب محمود بعد الآن، افكر لوهلة ربما توفت ياسمين ولحق بها محمود بعد ساعات قليلة لاستحالة حياة احدهما دون الآخر متحملا آلام الفقد الرهيبة، ربما الأمر مصيبة لنا لكنه الأفضل لهما، ربما لا اعلم تحديدا.
 
الآن فقط استعيد عدم التوازن الذي ظننت انني شفيت منه، اتحدث مع تاح، اتحدث مع احبة واصدقاء لعل روحي الحائرة تهدأ، اضحك لكن عندما يعم الصمت حولي اتذكر كل ما حدث، اتذكر وجه محمود، رحلته التي لم تكتمل كأنها صفحة مبتورة في رواية لمحفوظ، ضحكته الصافية، وجه ياسمين، صورة زفافهما، ثم حقيقة انني رغم كل المآسي التي شهدتها والزملاء الذين توفوا إلا ان محمود يصبح هو الأول بهذا القرب مني.

سلاما علي روحك الجميلة يا محمود، سلاما يا ياسمين...
 


 

 

 

 

 

الخميس، 26 نوفمبر 2015

23



"God, grant me the serenity to accept the things I cannot change,The courage to change the things I can,And the wisdom to know the difference."
 Serenity Prayer

حسنا أكملت الـ 23 عاما، دوما أكون سعيدا يوم عيد ميلادى، أتفائل بعامي الجديد في هذا العالم الكئيب، أردد دوما لعل القادم أفضل، أثق أنني ربما سأحقق الكثير في عامي القادم ان شاء الله، كانت السنة الفائتة صعبة إلي حد كبير، لم أكتب من قبل نصا طويلا في يوم عيد ميلادى، لكن مؤخرا أصبح التدوين غوايتي التي لا أستطيع مقاومتها والعام الفائت من عمري ربما يستحق الكتابة عنه.

23 هو عام الأسئلة الحقيقية، ربما هو عام الشك الذى يسبق اليقين، تتسائل في حيرة عن كل شيء، تصبح روحك قلقة مضطربة تبحث عن الطريق في جزع وبمجرد أن تجده تكتشف أنه سراب، هو عام اكتشاف النفس ما اصعب اكتشاف نفسك وسط كل تلك الحيرة! من أنت؟ ماذا تريد؟ كيف تتعامل مع هذا العالم؟ مئات الأسئلة، عشرات الليالي السيئة، أحلام تجهض وأخري تولد بينما أنت لم تفرغ بعد من البكاء، العالم يتداعي من حولك بينما أنت منكفئ علي نفسك لتمنع عالمك الداخلي من الانهيار هو الآخر.


“بنلف في دواير والدنيا تلف بينا
ودايماً ننتهي لمطرح ما إبتدينا
طيور الفجر تايهة في عتمة المدينة .. بتدور"
عبد الرحمن الأبنودي


 اتسائل في بدايات عامي الفائت في حيرة متي أصبحت بشمهندس محمود؟ ذاك الذى اصبح معيدا يشرح للطلبة بعد أن كان طالبا يجلس فى الجهة الأخرى من المدرج منذ شهور قليلة، ثم بعد شهور قليلة أصبح التساؤل كيف أصبحت جندي محمود؟ ماذا أفعل في تلك المعسكرات والصحاري التي يأكل صمتها روحك ويثير اتساعها شجونك؟ متي أطلقت رصاص حقيقي أول مرة فجفلت عيني و ارتعد قلبي خوفا ومع ارتعاده انتهت احلام الطفولة في حمل السلاح، ثم في المرة الثانية اكتشفت لم أعد أخاف من صوت الرصاص بل ربما أحبتته، لم أطلق رصاص حتي الآن إلا مرة واحدة بعد تلك المرتين لكنني اعتدت صوت الرصاص ولم أعد أخافه لكن رغم هذا لم تعد أحلام الطفولة ثانية. متي أصبحت أفكر في أنني اذا سافرت ربما يرحل الأحبة وانا بعيد عنهم؟عشرات الأسئلة بلا إجابة.

 لم أعرف معني كلمة "الهشاشة" التي كان يرددها الكثيرون إلا في هذه السنة الفائتة من عمري، هشاشة تدفعك للخوف من عدم تحقيق أحلامك، الخوف أن تظل أمانيك حبيسة ذهنك إلى أن تتطاير بعد سنين قليلة وتصبح أنت حبيس (ساقية الحياة) التي طالما رددت أنك لن تصبح أسيرها، ‎هشاشة من أن تختار طريق خاطئ وسط الطرق الكثيرة التي تلوح أمامك. لا أعرف سبب لتلك الهشاشة، ربما كانت بسبب الجيش لكنني أعلم في أعماق نفسي أن تلك الحيرة جاءت قبل الجيش بشهور فقط قد يكون الجيش عامل محفز لا أكثر ولا أقل، ربما لأن هذا العام كان بداية احتكاكي بالعالم الحقيقي، بداية صدام قيم ثورتنا التي آمنا بها مع قيم المجتمع متمثلة في أسئلة من نوعية "هل تذهب مع التيار وشغلانة كويسة عشان الفلوس لكن في المقابل يعني هذا اندماج تام فى الساقية"، هل كل تلك الحيرة بسبب هذا الصدام؟ أم أن الأمر ببساطة  مرحلة انعدام الوزن  نمر بها جميعا عند بداية مرحلة جديدة وثمن بسيط لمزيد من الحكمة مثلما يقول هاني المصري الجميل - رحمه الله- في هذا البوست

"قال الشيخ عبد ربه التائه : فى الصحراء واحة هى أمل الضال ."
نجيب محفوظ 

حسنا دعنا من أحاديث الحيرة ولنتحدث عن أشياء سعيدة حدثت في السنة الماضية. كتبت في الشهور الفائتة كما لم أكتب من قبل، تطورت قدراتي الكتابية، أعجبتني العديد من النصوص التي كتبتها، الكثير من الألم الذي أصابني تحول لنصوص جميلة، أحب الكتابة كثيرا، لأول مرة افكر انني قد اختارها واترك الهندسة عشقي القديم في حال اضطراري للقيام باختيار من هذا النوع لكنني سرعان ما انفض تلك الفكرة من ذهني، أحب الكتابة لكنني احيانا أشعر أنها  تأكل روحي  وتجعلني أشعر بالألم كما لم أشعر به من قبل كأنها ماء موصل للكهرباء فاخاف منها. بدأت كتابة روايتي الأولي، لا أعرف متي سأنتهي منها لكنني أثق أنها ستكون جيدة.

يمكنني الزعم أيضا أنني رغم كل الحيرة والتشتت إلا أنني اكتشفت نفسي أكثر، تأكدت من حبي للهندسة، بيقولوا في مصر محدش بيطلع الحاجة اللي بيحبها والطبيعي ان الناس لما تتسأل كان نفسك تبقي ايه بيجاوبوا اجابة غير وظيفتهم الحالية لكن انا اجابتي كان نفسي اطلع مهندس :))، ربما الآن أمر بفترة عدم ثقة فى قدراتي كمهندس ناتجة عن الحيرة والتشتت، لكنني أعرف أنني مهندس لا بأس به،  متخرج من الكلية بتقدير امتياز وكنت فاهم في الكلية مش مجرد تقدير وخلاص بس حاليا عندي أزمة ثقة شوية، يمكن الأزمة ديه هي اللي حسمت حيرتي في ايه الخطوة الجاية اللي لازم اخدها هل أسافر ولا اشتغل هنا اكاديمي ولا اشتغل في الصناعة، أعتقد اني حاليا بنسبة 90% حسمت قراري، هأجل خطوة السفر شوية واشتغل شوية مهندس لحد لما اتجاوز أزمة الثقة ديه وأتاكد اني مهندس كويس فعلا.

اكتشفت أني محتاج ابقى اكثر ثقة فى نفسى شوية وابطل حتة انى لازم ابقى عارف كل حاجة قبل ما اتكلم، ساعات كتير بقيم نفسي أقل بكتير مما استحق ( underrate myself) وده مش صح لازم اكون اكثر ثقة في قدراتي وشخصيتي من كدة، انا مش بحب أفتي وبكره الناس اللي بتتكلم وهي جاهلة بس انا ساعات كتير ببقي عارف الصح بس مش بحب اقولها لاني مش واثق ١٠٠٪ فيها وده مش صح محتاج أكون أكثر جرأة. اكتشفت أنني أحب السفر، رأيت في تجربة الجيش نماذج لوظائف يسافر أصحابها للعديد من دول العالم، أحببت هذا النوع من الوظائف، ربما لو قدر لي أن أجد وظيفة مثل هذه لن أتردد، وفي كل الأحوال بالتأكيد سأخوض تجربة السفر للعديد من البلدان قريبا. بداية من شهر سبتمبر بدأت حالتي النفسية في التحسن، بدأت الحيرة تقل و عملت علي عدد من الخطط التي لا بأس بها بالنسبة لخطوتي القادمة، اتراجع عن بعضها لكن ليس تراجع بسبب الحيرة  مثل الشهور السابقة لكنه تراجع شخص يعرف ما يريد، اتفائل دوما بالخريف وجوه الساحر، ربما لهذا اطمئنت نفسي بقدومه، رغم بعض المشاكل التي حدثت في هذه الأيام إلا أنها تظل أفضل أيامي في 2015، في شهور الخريف هذا العام اكتشفت أنني لا زالت قادرا على صنع الكثير من الأشياء السحرية وفعلت إحداها في بداية شهر نوفمبر، اكتشفت أن روحي قادرة دوما علي تجاوز الألم والبدء من جديد، كتبت مقال جديد عن الثورة بعض غياب 10 أشهر و كان محمل بالتفاؤل. اكتشفت أنه التفكير كثيرا بدون فعل يسبب أذي للروح وأنه من الأفضل أن أبدا في خوض الطرق و لا بأس في البدء من جديد إن اكتشفت أن الطريق الذي أسير به ليس صحيحا.

"وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ، لَكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ"
صلاة مسيحية

أؤمن أننا ربما لسنا قادرين علي تحمل كل التجارب وأنه أحيانا يكون من الأفضل لنا أن لا ندخل في تجربة لا قبل لنا بها، لكنني أؤمن أيضا أنه هناك تجارب يجب أن ندخلها لنتعلم منها رغم صعوبتها، العام الفائت كان به العديد من تلك التجارب المميزة، أهم تلك التجارب تجربتان احداهما  الجيش، الجيش يحتاج مئات الصفحات للكتابة عنه سأكتب عنه بالتأكيد لكن ليس الآن. التجربة الأخرى كانت مليئة بلحظات السعادة والألم لا أشعر أنني أريد الكتابة عنها الآن لكنها تظل تجربة مميزة وبالتأكيد كان يجب أن أمر بها رغم كل ألمها.

أجمل ما في عيد ميلادي هذا العام رغم كل الحيرة والتشتت انه يتبقي فقط ٩٥ يوما علي نهاية تجربة الجيش، أملك العديد من الأمنيات للعام القادم،  لن أكتب عنها الآن، فقط أذكر انني أتمنى أن تتحقق الـ  Serenity Prayer وأن تظل روحي الحائرة هادئة مثلما هي الآن وقت كتابة هذا النص. 

عيد ميلاد سعيد لنفسي ^_^

الجمعة، 30 أكتوبر 2015

آمال و آلام لا تنتهى

العشق داء لا علاج له كالكتابة التي لا فكاك من لعنتها، الصحاري تثير مخاوفك لكنك هناك فقط تعرف ان روحك تنتمي إلي عالم أرحب و أنها تتوق إلى هذا العالم،  احب حتي يكاد الحب أن يقتلني ثم أفر كـأن روحي لم تعرف معنى الحب من قبل، الثورة تقبع هناك كجرح أزلي لن يندمل أبدا و الحب يحاول أن يزيح الثورة، لكن الحب لن يزيح الثورة فالثورة حب و الحب ثورة.

أشعر أنني أريد أن أتخلص من نظارتي، لم تعد تنتمي إلي أشعر أنها دخيلة علي جسدي، أمسك بنفسي مرات عديدة و أنا اخلعها بلا داعي، اتظاهر بأنني أنظفها لكنني فقط أريد أن القي بها بعيدا
لكنني احتاجها فاضعها بهدوء ثانية على وجهى، أريد أن أسافر فهذه ليست البلاد التى شعرت منذ سنوات قليلة أننى انتمى اليها، لكن جزءا مني أصبح أسير هذه الأرض حتى لو مدنها أصبحت شبح مخيف لماضي سعيد كانت أهازيج الانتصار تملأ شوارع مدنه.

القاهرة التي حلمت بها تطادرني في أحلامي، شوارعها و ميادينها الجميلة تثير الحنين في نفسي، بينما القاهرة الحقيقية تضغط علي روحي بمبانيها الكئيبة و ترابها الذي يثير جيوبي الأنفية و أناسها المهزومين.

اكتب عن الثورة الضائعة لعل هذا يخفف آمال الثورة التي لم تهزم بعد بداخلي، الابتسامات التي طالما اثارت الدفء في روحي أصبحت تثير الأسي و الأحلام اصبحت كوابيس تثير فزعي لكنني لازالت فى انتظار أن تعود كل الأشياء كما كانت من قبل جميلة و بسيطة.  

الخميس، 29 أكتوبر 2015

خطوات


هي خطوات نخطوها شئنا ام ابينا، لا نملك سوي ان نختار الطريق -حتي هذا ربما نكتشف انه ليس اختيارنا بالضرورة- لكن تعثرنا هرولتنا تلفتنا للخلف الأشياء الحزينة و تلك السعيدة كل هذا خارج نطاق ارادتنا، قدرنا أن نبدا الطريق بثورة مهزومة بينما قدر آخرون ان ينتهي طريقهم بثورة. الهزيمة حاضرة و النصر حاضر، فكل هزيمة يلزمها نصر و كل حب يلزمه ألم فراق لا اختلاف إلا في الموعد، الغربة التي اختارها الكثيرون منا بدأت هنا لكنها فقط تصبح رسمية في بلاد الثلج، فهناك تتحد الثلوج التي تبعث البرد في اطرافك مع الظلام و البرد الذي غزا روحك في بلادك التي كنت تردد دوما في دروس الجغرافيا أنها بلاد الشمس.

 تعبث بنا حيرتنا و يتشتت ذهننا في مواجهة الطرق البراقة، نقفز في اول طريق هربا من الحيرة لا اقتناعا بالطريق، فالمطارد بهزيمة آماله لا يفكر سوي في اخماد الأصوات التي تصرخ في ذهنه محاولا بهذا صنع حياة طبيعية لا تحاصره فيه أشباح الماضي و أصوات الميادين الممتلئة، و الثائر الذي سلم بالهزيمة لا يفكر كثيرا أي الطرق يجب أن يرتاد. 
 

الخميس، 1 أكتوبر 2015

لنتوقف عن ممارسة الدراما ....

لنتوقف عن ممارسة الدراما قليلا فالحب في النهاية يمكن التعامل معه كأمر عابر مثل قطار جميل رأيناه من بعيد و نحن بسن العاشرة فهفت نفوسنا للصعود علي متنه لكن سرعان ما نسينا الأمر برمته بمجرد أن تواري عن أنظارنا. الندوب المزمنة بهتت و لم يبق إلا طيفها و الحزن لم يعد أصيل، الأحلام تطايرت و حل محلها دوام الثماني ساعات اليومي، الثورات انتهي بها المطاف في كتاب تاريخ قديم يفتحه مراهق قبيل الامتحان بساعات معدودة و الملاحم لم يبق منها سوي خيالات عابرة لشباب ترتسم البسمة علي شفاههم بينما الدماء تغطي وجوههم في طريقهم للمطار حيث المقابر تطاردك في كل مكان....

الخميس، 24 سبتمبر 2015

عيد سعيد

يوم الوقفة هانى الجمل حر و سناء سيف و يارا سلام و ناس حلوة كتير
برشلونة خسر من سيلتا فيجو 4-1 
الريال كسب بلباو فى السان ماميس 2-1 و بقى الأول على الدورى
قعدة لطيفة على القهوة مع باسم مصطفى خالد غزالة عطية نبيل و عبدالرحمن فتحى
التمشية مع باسم اخر الساعة 3:30 الفجر فى شارع السودان و الرغى 
أول يوم فى العيد كان مع العيلة فى أكتوبر و كان يوم لطيف جدا
الرواية اللى بكتبها مكنش عجبنى اسم البطلة فجأة انهاردة نط فى دماغى اسم البطلة اللى بدور عليه من زمان
رسالة المعايدة اللى كنت زعلان جدا أنها مجتش و كنت مستغرب ازاى متجيش جت أخيرا و فرحتنى رغم كل شىء حصل لكن مقدرتش امنع ابتسامة بلهاء والروح المعنوية بقت فى السماء :D  

أعتقد ده يستحق يطلق عليه عيد سعيد، يا حنين يا رب :))

الجمعة، 18 سبتمبر 2015

غواية الفراشات





فى البدء تظهر الفراشات وتغوى الحالمين ثم بعد أن يتبعوها تطير بعيدا تاركة إياهم فى دورب التخبط و الحيرة ...


كانت الليلة ظلماء رغم أن القمر كان بدرا كاملا لكن السحاب كان  يغطيه فيمنع أشعته الخلابة من أن تنير الطريق للتائهين، أتخبط فى دروب الغابة المتشابك أغصانها، اذ بى أسمعها من بعيد، الفراشات تناديني، الوانها جميلة كقوس قزح في صباح باكر. أنظر إليها فى حيرة، يزداد صوتها الجميل ارتفاعا بينما تبدأ هالة من الضوء فى التكون حولها تبدد أشعتها السحاب المحيط بالقمر فيختلط ضوئها بضوء القمر منيرا دروب الغابات، ابتسم. ألبى  ندائها ففيه الخلاص،  أسرتني الفراشات كبحار خلبت لبه عروس بحر في ليلة ظلام، طاردتها وهي ترفرف عاليا بينما أشعة القمر تنعكس على أجنحتها امعانا في الاغواء .

فجأة تظلم السماء  وتختفي الفراشات في وسط الظلام، ارتبك اشعر كأنني طفل اضاع امه، يتردد صوت قائلا "لا فراشات فقط هو السراب". يهيأ لي أنني أري خيالها علي الأرض، ابتهج ثانية، انظر عاليا لكنى لا أجد سوي مسوخ تحدق في بأعين تقدح شرار، يتملكنى الذعر، احاول الهرب لكن الظلام يحيط بى، اتسمر مكانى ثم اغمض عيني فلا اري سوي فراشات جميلة بينما يصرخ احدهم في صوت مكتوم احترس يا احمق فالفراشات هجرت تلك الاراضي منذ زمن بعيد لم يبق سوي المسوخ .... 

الخميس، 17 سبتمبر 2015

ابتسامات مضطربة

الألم ينتهى و يحل محله شعور باللامبالاة مصحوب بابتسامات هادئة ونوبات من الحزن تصيبك من حين لآخر، أنت لست من النوع الذى سيقضى عليك الألم، ربما شعرت أحيانا أنه تمكن منك نهائيا لكنك تعلم فى قرارة نفسك أنك لن تستسلم له وأنك ستنتصر فى النهاية،فى الأغلب لن تنهيه لكنك ستبعده عن أراضيك و تمنعه من اختراقها،  الآن أنت فى مرحلة اللامبالاة المصحوبة بنوبات الحزن لكنك لا تمنع نفسك من التفكير فى أن أكثر ما يؤذى هو اكتشافك لحقيقة أنك لم تكن تمثل الكثير رغم أنها كانت تمثل كل شىء بالنسبة إليك، يمكنها الزعم أن هذا غير صحيح، لكنك لا تفهم كيف أن هذا غير صحيح بينما كل التصرفات تشى بعكس هذا، تصرفها الوحيد كلما حدثت مشكلة ما صغيرة أو كبيرة هو الهرب و قول أننا لسنا أصدقاء بعد الآن!  

أردت أن تصرخ فى مكالمتكما الأخيرة أنك لا تستحق كل هذا، أنك فى النهاية بشر له طاقة، و أنك أيضا غاضب و متألم و أنك تستحق أن تعتذر لك، لكنك - للغرابة-  تكتفى بالحديث بكل هدوء تكتم غضبك تستمع لكلامها الغير صحيح عن أخطائك الغير مغتفرة رغم أنك أبدا لم تخطأ أخطاء مثل هذه، حديثها الجارح لا يجرحك بسبب أن كلماته القوية تؤذى  لكن كل ما يجرحك أن اختياراتها دوما عند كل مشاجرة أننا لم نعد أصدقاء لننهى كل شيء بينما أنت لم تفكر فى هذا أبدا، لا تستوعب كيف يمكن يقفز لذهنها هذا، أنت الذى آمنت طوال عمرك أن الأشخاص الطيببن و الأصدقاء الحقيقين و الأحبة يتشاجروا سويا لكن أبدا لا يرحلوا بعيدا عن بعضهم البعض هكذا، فقط كلمات عتاب قليلة تنهى كل الخلافات، تبتسم فى اضطراب و تردد فأنت لا تفهم كيف تتصرف هل تخبرها " حسنا اذا نحن لم نعد أصدقاء " ثم تغلق المكالمة أم تستمع لكلامها إلى نهايته ثم تقول لها "سلام" و تغلق المكالمة، لكنك - كالعادة و بسبب حبك لها - تستمع لها فى هدوء و تحاول بكل قوة أن تحول مسار الحديث ناحية الأشياء الطيبة، تلقى لها بكلمات لتخفيف حدة المكالمة، تحاول أن تبرر لها كلامها،  لكنها تصر على العكس، و تؤكد لك أنها غير مخطئة بالمرة، تبتسم ثانية، تنتازل عن غضبك وتعتذر عن أخطائك رغم أنك اعتذرت عنها مرارا لكن كل ما وجدته هو الجفاء لكنك للحظة الأخيرة لازالت متمسك بالأشياء الطيبة ثم تنتهى المكالمة بينما على شفتيك تلك الابتسامة التى تشير لاضطراب الداخلى و عدم فهمك فيم كل هذا.

تتصل بك ثانية - ربما فكرت قليلا فى محادثتكما الأولى و مدى أذى كلماتها - بعد أن قررت أنت أنه ربما للمرة الأولى كنت مخطئ فى وجهة نظرك فى أحدهم فيرق قلبك و تنفض أفكارك التى كانت تروادك، لا تعاتبها ثانية فقط تعتذر مجددا و تخبرها بصوت مضطرب أنك أيضا متألم و غاضب و تتمنى له الخير و تخبرها أنك صافى تجاهها

لم تعد تبالى بأن تتصل أو لا فأنت فى داخلك تعرف أن طاقتك انتهت تماما و أنه مهما بلغ حبك لها فأنت لم تتعد تتحمل أن تشرح لها ثانية و تعطى لها الإشارات أن التجاهل هو أكثر ما يؤذيك و أنك لم تعد تتحمل الحواجز الوهمية، انتهى هذا الزمن الذى كنت تخدع فيه نفسك واهما اياها أنها بالتأكيد ستتغير، هى ناضجة كفاية لكى تفكر فى كل ما حدث و تقرر الأشياء الصائبة و الأشياء الخاطئة...

الاثنين، 14 سبتمبر 2015

خواطرعن الكتابة: الكتابة كخمر للروح




للكتابات الجميلة نشوة تشبه نشوة الخمر، حسنا انا لم أذق الخمرمن قبل لكنني رأيت سكاري منتشون رأيتهم يتمايلون في الطرق كأن عقلهم قد ذهب، سمعت أحاديثهم عن الآفاق التي يحلقون فيها، الكتابة الجميلة تفعل هذا أيضا، هذه الفتاة الجميلة ذات النضارة الفضية التى تكاد لا ترفع عينيها من الكتاب التى تقرأه فى انتظار قطار المترو القادم تبدو رزينة من بعيد، فتاة عادية فى انتظار القطار الذى سيأخذها للبيت بعد يوم عمل طويل مثلها مثل ملايين الفتيات لا يعلم الناظر إليها أى نار تضطرم داخلها، نيران تجعل روحها تتراقص كلما مرت عيناهاعلي سطر تلو السطر، هذا الفتي الهادئ تهدر روحه بعنف من فرط الشهوة في الأغلب لو ظهرت سمكة قرش بغتة في البحر الذي أمامه لن يلاحظ فهو يري بحار أخري ويعيش الآن في عالم آخر، الأمر أشبه بتلك الحالة التى يتحدث عنه الصوفيون التى فيها ينعزلون عن كل الأشياء والأشخاص و يحلقون فى عوالم أخرى، هنا أيضا يحدث نفس الأمر و يصبح العالم المسطور لحظة إمساكنا بالكتاب أو القلم هو العالم الحقيقى بينما حياتنا العادية تبدو كحلم عابر بعيد.

الكتابة الجميلة خمر لقارئها ولكاتبها، ذات مرة بعد أحد الخلافات مع تلك الفتاة الجميلة التي كنت أحب كان الألم يعتصر روحي فكتبت كما لم أكتب من قبل ولحسن حظي راق لي ماكتبت فانتشت روحي و تواري الألم كأنه لم يوجد من قبل، تفتحت أمامي بوتقة من النور رأيت فيها أحدهم يخبرني أنه مهما حدث بيني وبينها فهي كانت ضرورة لاكتمال دربي ونزوعي – مثل أي انسان -  للسعادة الدائمة وأنني في النهاية لن أتذكر إلا سحرها، كان السكر اذا مفيد الي لكي أحلق في تلك الآفاق المغلقة في وجوه الذين لم يلامس حب الكتابة/القراءة قلوبهم.

 الكتابة الجميلة تسري في اتجاهين ستكتشف بعد فترة أنه كلما قرأت نص جيد ستصيبك تلك الرغبة أن تكتب أنت أيضا، الرغبة في أن تصنع الخمر الذي تشربه بعد أن تذوقت حلاوة الخمر الذى يصنعه الآخرون سترغب فى أن تشارك أنت أيضا فى هذا الأمر، ستنتابك الرغبة أن تمسك القلم و تبدأ فى نسج عوالمك الخاصة، هؤلاء الكتاب العظام أصابتهم تلك الرغبة وهذا المس الإلهي ذات يوم بعد قراءة نص جيد لكنهم يختلفون عنا في أنهم استسلموا له تركوا أنفسهم للنشوة وجعلوا قلوبهم تتقبل هذا السحر، انتشوا ولم يخف أحدهم من هذا الجمال حتي لو بدا من بعيد أنه جمال قاتل يمتص الأرواح.

الكتابة الجميلة تدفع صاحبها دفعا لبثها كشارب الخمر الذي علي الدوام يحتاج لنديم كي تكتمل نشوته يحب كل من أسكرته النصوص الساحرة أن يشاركها مع الجميع لتكتمل نشوته.

ربما الأمر يتخطي لذة الخمر ففي وسط الكلمات التي تخلب لبك يمكنك أن تري بسهولة أن الكتابة تجلي لصفة الخلق الإلهية كأن الله عندما نفخ فينا من روحه اختص هؤلاء الموهبين بشذرات من هبة الخلق و هو شيء ليس له مثيل.