الأحد، 3 ديسمبر 2017

حلم خفيف



برد متعب جدا أصابني بعد رحلتي لسيوة، أصل لمنزلنا الجديد الحادية عشر مساءا بعد يوم طويل، نصف يوم في الشغل ثم مقابلة منة ثم الذهاب لخالي محمود، ثم بيتنا القديم ببولاق ومقابلة باسم، وأخيرا الذهاب لأكتوبر حيث أمي وأبي ونورهان. بعد الحكايات والسلامات ومشاهدة مباراة الريال، أبتلع أقراص البرد التي تسبب النعاس، أفكر قبل أن أغرق في النوم أننى أحيانا كثيرة أحب هذا النعاس فهو يجعلني استغرق في نوم غريب يجعلني لا أشعر بأعراض البرد، وفي أحيانا كثيرا أستيقظ أفضل حالا. أتمنى أحيانا أن يوجد أقراص مثل هذه لكن لتعقيدات علاقتنا، نتناولها وننام ثم نستيقظ ونحن أكثر خفة  بينما كل التعقيدات انتهت، وطارت بعيدا. 


 على " كوبري قصر النيل "  أو "كوبري أكتوبر" - لا أدري تحديدا وجدت نفسي، النيل المظلم يمتد على جانبي (الكوبري) بينما أنا أركب في سيارة تجتازه، أجد نفسي في نهاية طابور مكون من عدة سيارات، يبدو الأمر كأننا ذاهبين لحضور فرح. في منتصف (الكوبري) يتوقف المرور تماما لكن في اللحظة الأخيرة  قبل التوقف تمرق السيارة التي أمامي وتجتاز الاختناق المروري ! أنظر للسيارة فألمح صديقة عزيزة بها!

الطريق مغلق تماما ولا استطيع المرور، أفكر في ضيق أنني لن ألحق بالفرح، انظر حولي فأجد الكثير من الناس يتهامسون، أسمع همهمات عن الحادثة التي حدثت في النيل، أحدهم ينظر في رعب للمياه المظلمة ويهتف طفلة غارقة، ألتفت سريعا فلا أجد سوى 
طوف خشبي يتجرفه المياه سريعا نحو الشمال، وعلى الطوف يرقد شيىء لا أتبين ما هو.  أراقب الطوف لكنه  يمرق سريعا فيصبح أسفل (الكوبري) حينها أنظر ثانية للمياه، أفاجئ بسيل من الأشياء المظلمة يجرفها التيار تشبه هياكل بشر مسربلة في عباءات سوداء مهترءة تشبه الديمنتورات في عالم هاري بوتر. أبدا في الاستيعاب أن هذه جثث الحادثة لا أتذكر بماذا شعرت لكننى سرعان ما ألمح بقع من الزيت الداكنة في المياه فأشعر بالذعربسبب خاطر سخيف  أنه ربما بعض ضحايا الحادثة لم يستطيعوا السباحة بسبب هذه البقع،  أنظر للطريق لأتبين متي سيفتح  ثانية،  حينها أجد آثار بقع الزيت السوداء،  أتخيل أن عربة ما انزلقت بسبب هذا الزيت ثم أشعر بالخوف لأنني أتذكر فيلما ما أو قصة سيشتعل فيها هذا الزيت بعد أن يشتعل الزيت بالماء وستلتهم النيران الناتجة جميع الأحياء بالمنطقة، أقرر الفرار سريعا. أمرق للناحية الأخرى من الكوبري على قدميي تاركا العربة. 


انظر لموبايلي أجد مكالمتين غير مجابتين،المكالمة الأولى من والد صديقتي العزيزة التي كانت بالسيارة قبل الأخيرة والثانية من أخوها، أشعر بالاستغراب، متي سجلت رقمهما، أحاول أتذكر متى تعرفت عليهما لا أتذكر!  أضغط على نمرة أخيها ثم أغلق الخط قبل أن يرن، أقرر أن أكلم صديقتي أولا لأستفسر منها ربما هي من كلمتني لأنها لا تملك رصيد. ترد تقول لي أن أباها وأخوها هما من اتصلا بي بالفعل، تخبرني أنهما ذاهبين لعزاء الأطفال وضحايا الحادث،  وأنهما كانوا سيسألوني إن كنت سألحق بهما أم لا؟ أشعر بالغرابة ثانية ! لا أفهم ما الذي يربط بينهما وبين هذا الحادث ولماذا يتحدثان معي ! أغمغم بشيىء لا أتذكره، ربما كان عذرا لعدم حضوري أو أنني أخبرتها أنني سألحق بهما.أغلق الخط.

أجد نفسي في بيت لا أعرفه، أشعر بالحزن. من بعيد تقترب فتاة، هي الفتاة التي أحببت منذ سنتين، لا أري وجهها لكنني أستدل أنها هي بروحها التي كانت تملأ روحي سكينة. هذه زيارتها الثالثة أو الرابعة لي في أحد أحلامي، لكننى في هذه الزيارة أعي تماما أن ما بيننا انتهي وأن الحب وكل تلك الأشياء انتهت، لم يبق سوى صداقة ومعزة صادقة على الأقل من ناحيتي تقترب مني فأجفل،
 تسألني : مالك؟

أحكي لها ما حدث تخبرني بطريقتها العفوية أنه لا بأس، أشعر بسكينة، تتمادي في طمأنتي وتتحدث قليلا ثم أثناء حديثنا تنظر بداخل محفظتي، تلمح صورة محمود فؤاد وياسمين، تسألنى باندهاش: هل لازالت تحتفظ بها، أخبرها طبعا محمود من أكثر من أحببت يوما ما.تعبث بالصورة ثم تخرجها،  تجد ورائها ورقتان مطويتان، تختطفهما، وتنظر سريعا بهما، تلمح ما يخبرها أن هاتان الورقتان عنها
تعابثني وتضحك وهي تقول: يجب أن أقرا ما بهما

ابتسم فهي للمرة الأولى تظهر لي أنها تهتم بما كتبت عنها،  لكنني سرعان ما أشعر بالذعر، ربما كتبت في الورقتين نقد قاسي لها، أعرف غضبها غير المبرر وأكرهه فماذا عن غضبها المبرر، أقول لها اعطني الورقتين سأنظر بهما ثم أرجعهم لكن تعابثني قائلة لا ثم ترضخ في النهاية. انظر للورقتين،الكثير من الحب، الاشتياق، الألم الذي أصابني، شخبطات، عتاب خفيف لها، لا بأس  أعطى لها الورقتين ثانية لا انتظر رد فعل منها. لكنها تدهشني بأنها تظهر ردود أفعال تضحك، تتأثر بكلامي، تنظر لى بامتنان
أشعر بالسعادة، تختفي من أمامي.

قبل الاستيقاظ مباشرة أو بعد مباشرة لا أتذكر، أفكر أنني لم أرى ملامح الفتاة التي أشعرتني بكل تلك الخفة في الحلم فقط جزمت أنها فتاتي بسبب شعور السكينة، لكنني الآن أشعر أنها واحدة أخرى ربما هي رفيقة دربي المستقبلة ، فالسكينة الثانية التي أعقبت قرائتها لهواجسي لم تمنحني اياها السابقة قط. ابتسم لهذه الفكرة. استيقظ بخفة غير عادية، لأجد بالجو لمسة برد حانية تنعشني، أشعر بالامتنان للصديقة العزيزة في أول الحلم ولحبيبيتي السابقة وللفتاة الغامضة التي سببت كل هذه السكينة أيا كان من هي !


*كتبت 22-11-2017