الخميس، 29 مايو 2014

السيسى رئيسا

مرت ثلاث سنوات منذ قيام ثورة يناير و الآن يفصلنا  أيام قليلة على تنصيب   ابن الجمالية - الحى الإسلامى العتيق - عبدالفتاح السيسى رئيسا لمصر  ليتولى مقاليد الأمور فى محاولة جديدة  لانهاء المرحلة الانتقالية الطويلة منذ قيام ثورة يناير و تدشين سلطة تستطيع حكم مصر و تبدو تلك المحاولة هى الأقرب للنجاح بعد فشل جماعة الاخوان العام المنصرم فى محاولة بناء تلك السلطة.

بعيدا عن الصور التقليدية لعبدالفتاح السيسى - فهو (الدكر) الذى أنقذ مصر من براثن الحرب الأهلية عند مؤيديه، ومبارك آخر، قائد للثورة المضادة عند الثوار أو ما يطلق عليه التيار الثالت، أو حتى عدو الاسلام محارب الدين عند الاسلاميين و فى القلب منهم جماعة الاخوان المسلمين -  ربما حان الوقت لكى نحاول أن نفهم الشخصية الأقوى فى  مصر حاليا.

بعد مرور ما يقرب من العام منذ بزوغ نجم السيسى ، وبالاستماع لأحاديث الرجل الإعلامية ، أوأحاديثه الخاصة المسربة يمكننا أن نقول أن الصور النمطية له أبعد ما تكون عن الواقع ، فنحن أمام شخصية غير تقليدية ، هو ليس مجرد لص مثل مبارك،أو قائد جيش بدون طموح مثل طنطاوى أو حتى قائد عسكرى لا يرى فى منصب الرئاسة سوى منصب يليق به فى ختام حياته العملية ،هو رجل مؤمن جدا بأنه مؤمن انه مبعوث العناية الالهية لانقاذ مصر ،مؤمن جدا بالخرافات و عنده يقين تام بالقدر فأى شئ يحدث يحدث لأن هذا قدر الله و لا دخل لنا فيه ، فترشحه للرئاسة و فوزه فيها لأن الله يريد هذا " فالكرسى مكتوب عليه اسم صاحبه" على حد قوله، متصالح جدا مع نفسه فهو بالفعل مؤمن أنه غير طامع فى سلطة و أنه يلبى نداء الشعب بترشحه للرئاسة و يحقق قدر الله الذى لا راد له
متدين و ليس علمانى محارب للدين مثلما يزعم الإسلاميين ، و بالطبع هو  ليس أتاتورك مثلما يظن أنصاره الليبراليين، و لكنه هذا التدين الشعبى الذى من المؤكد أنه اكتسبه نتيجة تربيته بحى الجمالية ، تدين رجل الشارع العادى الذى يكتفى بأن يعطى للدول مظهر اسلامى كوضع المادة الثانية فى الدستور مثلا ، و لكنه لا يريد أن يتجاوز هذا المظهر إلى مشروع حقيقى مثلما يطالب أنصار التيارات الإسلامية ، و فى نفس الوقت تدين لا يقبل بالاختلاف لهذا فكره الشيعة شئ مقبول ،و بالطبع لا مجال للحديث عن دستور علمانى يكفل حقوق الملحدين أو أى حد لا يدين بأحد الديانات السماوية الثلاثة، القبض على العديد من الملحدين مؤخرا و كلام السيسى عن دور الدولة فى حماية القيم يؤكد هذا بوضوح ،هو إذا تدين أقرب لتدين الرئيس المؤمن السادات.  

كلامه عن أن " مصر تبقى قد الدنيا و هتبقى قد الدنيا "  مؤمن به و مترسخ فى ذهنه ، مناسب جدا لقطاع كبير من الشعب فالسيسى هو خلاصة الشخصية المصرية التى تعتقد  فى خرافات من نوعية "أن المصرى أحسن واحد فى العالم و الطفل المصرى هو الاذكى و العالم كله يتآمر علينا من أجل منعنا  من تحقيق النهضة "

 فى الأغلب يتشارك مع  الكثير من الاسلاميين فى المعتقدات و تعيينه وزيرا للدفاع من قبلهم يؤكد هذا فهم رأوا فيه رجلهم لكن  الظروف التاريخية بالإضافة إلى  عقيدة الجيش المصرى المعادية للإسلاميين هما فقط ما وضعاه فى مواجهتهم .

رغم أن السيسى فى نظر الكثيرين  رجل متواضع القدرات لا يصلح للعب هذا الدور الخطير فى التاريخ المصرى الحديث ، و أنه لولا الأقدار التى  ساقته لأن يكون الوجه الأبرز فى العملية السياسية فى مصر  ربما كان انتهى به الأمر لواء على المعاش لا يذكره أحد، أو فى أفضل الأحوال محافظ لأحد المحافظات تقديرا من الدولة له كعادتها مع العسكريين السابقين،  إلا أنه بالفعل جدير بأن يكون طرف اساسى فى الصراع الحالى فهو يعبر عن قطاع لا يستهان به من الشعب  و ربما تواضع قدراته هو ما  أهله لهذا الدور.

خصوم السيسى جميعا أمام خصم خطير ليس لقدراته العظيمة لكن لإيمانه العميق بأنه صاحب رسالة و فى الأغلب اسقاط هذا النوع من الخصوم صعب جدا لأنه يعتقد أنه من الأشرف له إما أن يؤدى رسالته أو أن يموت فى سبيلها!




الأحد، 18 مايو 2014

مبعثرات

 سنلتقى فى نادى عند حوض السباحة فى الفترة المخصصة لتعليم الاطفال ، سترانى من بعيد و سألمحك بطرف عينى ثم بعد 10 ثوان من التفكير سنتأكد أن كلا منا وجد رفيقه القديم، سنحضن بعض بشدة و تعرفنى على ابنك و أعرفك على ابنتى و سنظل طوال الساعتين مدة تمرين الأطفال نتذكر الأيام الخوالى و الأصدقاء بينما صوت المدرب مجرد مؤثرات صوتية لذكرياتنا الحميمية ، ستنتهى الساعتان و ننفترق على وعد اللقاء قريبا مع الرفاق جميعا  لكننا لن نلتقى الا بعد 10 سنوات أخرى فى جنازة أحد الرفاق


ربما سنتقابل  ثانية يا فتاة بعد أن تندمل كل الجروح  سننظر لبعض سابتسم فى صمت لو شيئا كهذا ممكن ، و أتذكر كل شئ حتى أننى سأتذكر لون قميصك فى يومنا الأخير ، لا أعرف رد فعلك لكن فى الأغلب ستصيبك دهشة ثم لا شئ  مع ابتسامة ساذجة كعادتك  قد نلوح لبعض ثم سنكمل الطريق و سيطرأ على ذهنى فكرة لقصة قصيرة عن فتاة جميلة و فتى حالم و لكنها لن تكتب أبدا !


بينما ابنى فى سنته الثانية بكلية الهندسة مكملا لدرب أبيه ، سيحدثنى عن هذا الأستاذ المحترم الذى يبلغ من العمر 50 عاما لكن لازالت نفسه تتوق للعلم مثل شاب فى أوائل العشرينات ،سأتذكر أحدهم فأسالك على اسم هذا الأستاذ فتخبرنى فأتيقن أن زميلى القديم فى مكانه المستحق ،فأخبر ابنى أن يبلغ هذا الأستاذ تحياتى و أخبره أن يبلغه أننى أريد هاتفه لكى نتواصل لكننى سرعان ما أتراجع عن تلك الفكرة و ابتسم فى صمت مخبرا ابنى أن هذا الأستاذ خير من رأيت فى سنوات دراستنى  




أنظر فى المرآة  فيطالعنى وجه رجل فى أواخر الثلاثينات ابتسم و أتذكر طفل ذو عشر سنوات طالما حلم بأعاظم الأمور فجاء هذا الرجل ليحقق الكثير من أحلام الطفل و لكنه يخيب ظن الطفل فى الكثير من الأشياء  أيضا ، أعتذر للطفل و تقفز فى ذهنى صورة لعجوز فى آخر الرحلة يعتذر لرجل يماثلنى فى السن 



أتصل بصديقنا هذا الذى يحافظ على تجمع شلتنا و الذى لم يكل و لم يتعب رغم مرور كل تلك السنوات لا يرد على غير عادته ، ترد ابنته اداعبها و اسألها عن الوالد تقول لى أنه نائم أخبرها أن تبلغه أننى اتصلت و لكننى قبل أن أغلق الهاتف يهيأ لى أننى اسمعه يبكى !