السبت، 16 مارس 2013

صور_ذكرى


ذكرى

    الكتابة  و التصوير هما وجهان لعملة واحدة يطلق عليها الذكرى (memory) ،فقط من يقدر البشر و مشاعرهم المتشابكة  يفهم هذا يا ولدى،أبوك وعى هذا الدرس مبكرا لذلك تجده يحب التصوير حبا جارفا.

            منذ نعومة اظافره تعلم أن يسجل لحظاته الحاسمة لحظات فرحه لحظات حزنه، ربما لم تجذبه الكتابة فى صغره مثلما جذبه التصوير، لكنه دوما كان يحمل فى داخله نوع من التقدير للكتاب حتى و ان لم يصرح به.
فالذكرى لا تكتمل الا بسطور قليلة ترافق الصور حينها تصبح ذكرى لا مجال للعبث فيها او تغييرها  ام غير ذلك فيفتح المجال للتخمينات؛لذلك هو حرص فى اواخر حياته ان يسجل ما فاته من تلك السطور.

            الكاتب يا ولدى هو مصور فكلاهما نهل من نفس المنبع ، كلاهما بحث عن الخلود بطريقته الخاصة ،ربما تقابل الكثيرين ممن يمارسوا الكتابة او التصوير عندما تكبر يا صغيرى ستشعر باختلاف عقولهم و ارواحهم ،ستجد من يصور البشر و ستجد من يكتب عن الاماكن ، لكن لو دققت ستجدهم جميعا يحملون بصمة خاصة منطبعة على ارواحهم، مهما اختلفوا فى مذاهبهم لم و لن يستطيعوا ان يتخلصوا من تلك البصمة ،فهم جميعا عاشقون للبشر و للاماكن عاشقون للذكرى التى ستبقى بعد موتهم.

      جميعهم يستطيعون ان يلتقطوا الأحلام و المشاعر التى تختفى وراء الوجوه التى قلما تبتسم الجامدة مثل الصخور الصماء،يمكنهم أن يحبسوا شبح ابتسامة على شفتى انسان -أتعبته الحياة- لا تظهر الا لمدة ثوان قصار و سرعان ما تختفى كأنها حلم عابر.

        كل هذا يا ولدى باستخدام كاميرا او قلم  متاحين للجميع ،لكن هم فقط من استطاعوا ترويضهم،ربما هو سحر ينساب من بين أناملهم أو لعله خيط خفى  يربطهم بتلك الأدوات ، لا ادرى  حقا يا عزيزى أو  ربما أدرى لكن كلماتى تعجز عن الوصف!   
 انت لا تعى كلامى الان يا صغيرى لكن يوما ما عندما تقرا مذكرات أبيك و ترى صوره ستفهم ما كان يعنيه أو هكذا اتمنى.
عند تلك الفقرة من مذكرات ابيه لم يستطع ان يتمالك نفسه و انحدرت دمعة من عينه ، وترددت جملة كان يكررها ابيه دوما على مسامعه و احترف التصوير بسببها:

"يا حسن تعلم ان تأسر احلام الناس فهذا ما يبقى فقط يا صغيرى "




الثلاثاء، 5 مارس 2013

صور_كلك

كلك

"كلك " بمجرد ان سمع صوت غالق الكاميرا تجمع حوله الاصدقاء ليشاهدوا الصورة ،الجميع سعيد و الغد باسم يفتح لهم ذراعيه كأنه صديق قديم لهم، تمر الايام و السنون و لا يبقى من هذا التجمع سوى صورة باهتة تبعث فى نفوس  البعض الشجن و تبعث الحسرة فى نفوس اخرى.

 لكنها   تبعث فى  نفسه هو مشاعر طيبة  ، تذكره بعمر مضى  واصدقاء تاهوا عنه فى زحمة الحياة التقطها فى العام الاخير من سنوات الدراسة فى يوم بارد لكن لم يكن هناك احد يشعر بتلك البرودة فتجمع الاصدقاء كان يبعث من الحرارة ما يتغلب على اى برودة.
 
الهاتف يرن،لكنه يتجاهله فطالما تجاهل هو و اصدقائه بعضهم البعض من اجله و من اجل اعمالهم التى لا تنتهى  حان الوقت لتجاهله قليلا حتى و ان كان من اجل صورة .

يركز اكثر فى الصورة الباهتة  يشعر بالدفء ينبعث منها  ، يشعر باحلام اصدقائه  عمر الذى  دائما كان يفكر فى الهجرة ، محمد و مثاليته الزائدة عن الحد و تفكيره فى تحويل مصر الى مدينة فاضلة هل مازلت يا محمد كما عهدتك دائما تأبى كل شئ يخالف المبادئ ام ان الحياة بقسوتها التى تحفر و تثقب اشد الصخور صلابة قد علمتك ان اخلاقك تليق بمدينة يعيش بها مجموعة من القديسين اما هنا فى مدينتنا فيجب ان تكون على قدر من الوقاحة  لكى تستطيع ان تظل حيا وسط  الأوغاد! .حسن و تفكيره العملى الصارم و حلمه بان يصبح رئيس مجلس ادارة تلك الشركة العالمية المعروفة . مدحت و ابتسامته التى كانت تخفى ورائها احزان عميقة لم يبثها لاحد ربما لانه لم يشعر باهتمام حقيقى،ربما كنت مخطئ يا صديقى فهناك من اهتم حقا و لكن كالعادة الزمن لا يعطينا الفرصة لنعبر عن اهتمامنا. 

الهاتف لا يسكن ينظر فى الشاشة يتراءى امام عينيه اسم المتصل "العمل "، يغلق الهاتف و تنسال من عينيه دمعات لم يحاول حبسها  ،انطلق الى الفيس بوك رابطهم الوحيد الان ، و كتب حروف قليلة على (الجروب ) الذى طالما شهد فكاهتهم و احلامهم و دموعهم  "اين انتم ايها الاصدقاء ! ".