الأحد، 3 ديسمبر 2017

حلم خفيف



برد متعب جدا أصابني بعد رحلتي لسيوة، أصل لمنزلنا الجديد الحادية عشر مساءا بعد يوم طويل، نصف يوم في الشغل ثم مقابلة منة ثم الذهاب لخالي محمود، ثم بيتنا القديم ببولاق ومقابلة باسم، وأخيرا الذهاب لأكتوبر حيث أمي وأبي ونورهان. بعد الحكايات والسلامات ومشاهدة مباراة الريال، أبتلع أقراص البرد التي تسبب النعاس، أفكر قبل أن أغرق في النوم أننى أحيانا كثيرة أحب هذا النعاس فهو يجعلني استغرق في نوم غريب يجعلني لا أشعر بأعراض البرد، وفي أحيانا كثيرا أستيقظ أفضل حالا. أتمنى أحيانا أن يوجد أقراص مثل هذه لكن لتعقيدات علاقتنا، نتناولها وننام ثم نستيقظ ونحن أكثر خفة  بينما كل التعقيدات انتهت، وطارت بعيدا. 


 على " كوبري قصر النيل "  أو "كوبري أكتوبر" - لا أدري تحديدا وجدت نفسي، النيل المظلم يمتد على جانبي (الكوبري) بينما أنا أركب في سيارة تجتازه، أجد نفسي في نهاية طابور مكون من عدة سيارات، يبدو الأمر كأننا ذاهبين لحضور فرح. في منتصف (الكوبري) يتوقف المرور تماما لكن في اللحظة الأخيرة  قبل التوقف تمرق السيارة التي أمامي وتجتاز الاختناق المروري ! أنظر للسيارة فألمح صديقة عزيزة بها!

الطريق مغلق تماما ولا استطيع المرور، أفكر في ضيق أنني لن ألحق بالفرح، انظر حولي فأجد الكثير من الناس يتهامسون، أسمع همهمات عن الحادثة التي حدثت في النيل، أحدهم ينظر في رعب للمياه المظلمة ويهتف طفلة غارقة، ألتفت سريعا فلا أجد سوى 
طوف خشبي يتجرفه المياه سريعا نحو الشمال، وعلى الطوف يرقد شيىء لا أتبين ما هو.  أراقب الطوف لكنه  يمرق سريعا فيصبح أسفل (الكوبري) حينها أنظر ثانية للمياه، أفاجئ بسيل من الأشياء المظلمة يجرفها التيار تشبه هياكل بشر مسربلة في عباءات سوداء مهترءة تشبه الديمنتورات في عالم هاري بوتر. أبدا في الاستيعاب أن هذه جثث الحادثة لا أتذكر بماذا شعرت لكننى سرعان ما ألمح بقع من الزيت الداكنة في المياه فأشعر بالذعربسبب خاطر سخيف  أنه ربما بعض ضحايا الحادثة لم يستطيعوا السباحة بسبب هذه البقع،  أنظر للطريق لأتبين متي سيفتح  ثانية،  حينها أجد آثار بقع الزيت السوداء،  أتخيل أن عربة ما انزلقت بسبب هذا الزيت ثم أشعر بالخوف لأنني أتذكر فيلما ما أو قصة سيشتعل فيها هذا الزيت بعد أن يشتعل الزيت بالماء وستلتهم النيران الناتجة جميع الأحياء بالمنطقة، أقرر الفرار سريعا. أمرق للناحية الأخرى من الكوبري على قدميي تاركا العربة. 


انظر لموبايلي أجد مكالمتين غير مجابتين،المكالمة الأولى من والد صديقتي العزيزة التي كانت بالسيارة قبل الأخيرة والثانية من أخوها، أشعر بالاستغراب، متي سجلت رقمهما، أحاول أتذكر متى تعرفت عليهما لا أتذكر!  أضغط على نمرة أخيها ثم أغلق الخط قبل أن يرن، أقرر أن أكلم صديقتي أولا لأستفسر منها ربما هي من كلمتني لأنها لا تملك رصيد. ترد تقول لي أن أباها وأخوها هما من اتصلا بي بالفعل، تخبرني أنهما ذاهبين لعزاء الأطفال وضحايا الحادث،  وأنهما كانوا سيسألوني إن كنت سألحق بهما أم لا؟ أشعر بالغرابة ثانية ! لا أفهم ما الذي يربط بينهما وبين هذا الحادث ولماذا يتحدثان معي ! أغمغم بشيىء لا أتذكره، ربما كان عذرا لعدم حضوري أو أنني أخبرتها أنني سألحق بهما.أغلق الخط.

أجد نفسي في بيت لا أعرفه، أشعر بالحزن. من بعيد تقترب فتاة، هي الفتاة التي أحببت منذ سنتين، لا أري وجهها لكنني أستدل أنها هي بروحها التي كانت تملأ روحي سكينة. هذه زيارتها الثالثة أو الرابعة لي في أحد أحلامي، لكننى في هذه الزيارة أعي تماما أن ما بيننا انتهي وأن الحب وكل تلك الأشياء انتهت، لم يبق سوى صداقة ومعزة صادقة على الأقل من ناحيتي تقترب مني فأجفل،
 تسألني : مالك؟

أحكي لها ما حدث تخبرني بطريقتها العفوية أنه لا بأس، أشعر بسكينة، تتمادي في طمأنتي وتتحدث قليلا ثم أثناء حديثنا تنظر بداخل محفظتي، تلمح صورة محمود فؤاد وياسمين، تسألنى باندهاش: هل لازالت تحتفظ بها، أخبرها طبعا محمود من أكثر من أحببت يوما ما.تعبث بالصورة ثم تخرجها،  تجد ورائها ورقتان مطويتان، تختطفهما، وتنظر سريعا بهما، تلمح ما يخبرها أن هاتان الورقتان عنها
تعابثني وتضحك وهي تقول: يجب أن أقرا ما بهما

ابتسم فهي للمرة الأولى تظهر لي أنها تهتم بما كتبت عنها،  لكنني سرعان ما أشعر بالذعر، ربما كتبت في الورقتين نقد قاسي لها، أعرف غضبها غير المبرر وأكرهه فماذا عن غضبها المبرر، أقول لها اعطني الورقتين سأنظر بهما ثم أرجعهم لكن تعابثني قائلة لا ثم ترضخ في النهاية. انظر للورقتين،الكثير من الحب، الاشتياق، الألم الذي أصابني، شخبطات، عتاب خفيف لها، لا بأس  أعطى لها الورقتين ثانية لا انتظر رد فعل منها. لكنها تدهشني بأنها تظهر ردود أفعال تضحك، تتأثر بكلامي، تنظر لى بامتنان
أشعر بالسعادة، تختفي من أمامي.

قبل الاستيقاظ مباشرة أو بعد مباشرة لا أتذكر، أفكر أنني لم أرى ملامح الفتاة التي أشعرتني بكل تلك الخفة في الحلم فقط جزمت أنها فتاتي بسبب شعور السكينة، لكنني الآن أشعر أنها واحدة أخرى ربما هي رفيقة دربي المستقبلة ، فالسكينة الثانية التي أعقبت قرائتها لهواجسي لم تمنحني اياها السابقة قط. ابتسم لهذه الفكرة. استيقظ بخفة غير عادية، لأجد بالجو لمسة برد حانية تنعشني، أشعر بالامتنان للصديقة العزيزة في أول الحلم ولحبيبيتي السابقة وللفتاة الغامضة التي سببت كل هذه السكينة أيا كان من هي !


*كتبت 22-11-2017

الجمعة، 22 سبتمبر 2017

بيت جديد



"وطن المرء ليس مكان ولادته و لكنه المكان الذي تنتهي فيه كل محاولاته للهروب" 
عمر طاهر وأحيانا تنسب لنجيب محفوظ

انهاردة أول يوم من فترة كبيرة - ممكن سنة أو حتى 3 سنين مش فاكر بالظبط ! -  ابقى فاضي كدة، مش حاسس اني ورايا حاجة اعملها ولا حاسس أني فاضي فأنام أريح بقى، حتى مشاريع الكتابة اللي ورايا مش حاسس باحساس أني لازم أبدا في حاجة فيها وأخلصها، أنا طبعا الحاجات اللي ورايا مخلصتش وعندي مية مشروع ومية فكرة، بس هو شعور داخلى بأن عندي فراغ لدرجة تقترب من الملل، كأني طالب ابتدائي  في اجازة صيفية بعد أول أسبوع ما خلص كل اللي كان نفسه فيه وحس بفراغ. كلمت باسم ورغينا شوية، قلبت في مدونات بتابعها ملقتش حاجة جديدة، فقررت أرغى شوية هنا.

الوضع كالتالى: قاعد في بلكونة شقة في الدور الثاني في  الحى الرابع في مدينة 6 أكتوبر، المفروض ده بيتنا الجديد، حاسس أني ضيف لسة! بعد أربعة وعشرين سنة وبضعة شهور عشتها في بولاق الدكرور، خدوا الخطوة عندي في البيت وقرروا ينقلوا بيت جديد في ستة أكتوبر، علطول في البيت عندي كانوا بيتكلموا عن الخطوة ديه والكلام زاد بعد ما أخوالى نقلوا من بولاق، كنت دايما مرحب بالخطوة ديه، مدينة أكتوبر جميلة وبحبها حقيقي، أنا مثلا مش بحب الحاجات اللي ناحية القاهرة، لأني من مواليد محافظة الجيزة، فأنا بحب أحياء الجيزة: الدقي، المهندسين، العجوزة، الهرم، وحتى الامتدادات العمرانية اللي بحبها هي مدينة 6 أكتوبر، وزايد، وغالبا حدائق الأهرام. وأعتقد أن كل مواليد الجيزة زيي كدة - على عكس صحابنا بتوع القاهرة مثلا -. 

المفروض طبقا للكلام ده أن خطوة زي ديه كانت تبقى عادية جدا لأني رايح حي من اللي بحبهم، لكن حقيقي أنا حاسس بغربة كبيرة! لدرجة أنها أثارت جوايا أسئلة كتير هتكلم عنها بعد كام سطر.  ديه تاني مرة نعزل من بيت لبيت، أول مرة عزلنا كنا ساكنين في بيت جدي عبدالله أبوماما - الله يرحمه - وعزلنا لشقة أوسع بس كانت على بعد  100 متر من بيتنا القديم، كنت لسة في تالتة ابتدائي، وكانت نورهان أختى عمرها أسبوع، محستش بأى حنين للبيت القديم، فعليا هو على بعض 100 متر، كنت لسة طفل معنديش ذكريات قوية فيه، وحتى الذكريات الحلوة اللي هناك سهل جدا أرجعلها لأنه بيت جدي، ومش بعيد. الدنيا كانت ماشية بسهولة جدا، عكس الغربة اللي حاسسها دلوقتي.

على امتداد أربعة وعشرين سنة علاقاتي كلها وصداقاتي اتحددت في نطاق منطقة الجيزة، صاحب عمري باسم ساكن في بولاق، أصحاب ابتدائي محمود وحافظ ساكنين في بولاق، لما بدأت أنزل على قهاوي كانت في نطاق البحوث و قهوتي المفضلة التركي قدام موقف بولاق، أي حد بقابله كنت بديله معاد في المنطقة اللي هناك دقي، أو بحوث، أو جامعة الدول، البنت اللي كنت مرتبط بيها  وأكتر بنت حبيتها في حياتي  - لحد دلوقتي - كانت معظم مقابلاتنا في المنطقة هناك، باستثناء مقابلات الزمالك - المنطقة العزيزة على قلبى جدا هي ووسط البلد من محافظة القاهرة  ممكن اكتب عنهم قدام -  و مقابلة وحيدة في مصر الجديدة. لما كنت بجي مروح ونفسى اتمشى، كنت بتمشى من البحوث لسلم ناهيا والدنيا ليل و شارع السودان هادئ، فكنت ببقى مبسوط أوي، التمشية ديه اللي كلمت فيها أول بنت عجبتنى - واللي كنت فاكرها حب حقيقي وطلع مجرد اعجاب مراهقة بعدين لما عرفت معنى الحب الحقيقي - أرغي معاها في التليفون أيام لما كنت لسة شاب/مراهق خجول بيتكسف يكلم أي بنت في البيت. هاني ساكن في البحوث، وجودة وفوزي وشريف المقابلات معاهم دايما كانت في البحوث. المدرسة الابتدائي في بولاق، المدرسة الاعدادي، الثانوي، الكلية، أول شغل ليا كان في شارع الجامعة اللي هو نص ساعة من بولاق.

كل ما سبق محسسني بغربة حقيقية في البيت الجديد، بجانب طبعا أن شغلي الحالى في مصر الجديدة فمشوار بعيد أوي مخليني مفتقد بيتي القديم، 6 أكتوبر مدينة جميلة بس حاسسها مدينة منفصلة بذاتها كأني روحت عشت في اسكندرية، دلوقتي بدأت أحس شعور أصحابي اللي ساكنين هناك لما بيقولوا مش بنحب نخرج من أكتوبر، بدأت كمان أحس شعور خالى محمد لما بيماطل في حوار أنه ينقل أكتوبر مع أخواته، هو أكيد حاسس بغربة بردو لأنه عاش حياته كلها في بولاق، وأعتقد أن أخواته مش متفهمين ده لأن المزايا بتاعة النقل برة بولاق أكتر بكتير بالنسبة لهم، مثلا النقل لأكتوبر خطوة صح جدا، بولاق منطقة شعبية، بس مبقتش حلوة زي زمان، بقت زحمة أوي ومليانة عشوائية جدا، وحقيقي العيشة في مكان واسع وبرح حلو جدا، بس مكنتش متخيل أن النقلة هتكون صعبة كدة، أعتقد الانسان النقل بيبقى أسهل عليه لما يكون هيتجوز مثلا لأنه بيبدأ حياة جديدة تقريبا، أو حتى لما يبقى صغير شوية، لكن نفس حياتك القديمة بس تغير المكان أعتقد بتبقى صعبة شوية. أنا عملت تغيير كبير في حياتي قبل كدة وهو تغيير المدرسة من ابتدائي لاعدادي بس كنت صغير عملت صحاب جداد بسرعة، و التغيير من اعدادي لثانوي لجامعة كان نفس الناس تقريبا فمحستش بيه. المرة ديه حاسس بالتغيير وأنا ناضج تماما وبكامل وعى.

النقلة ديه خلتنى أبدا أفكر أني مش هحب الغربة أوي، ممكن رأيي يتغير معرفش، ابتديت أفكر أن أحلامي أني أعيش في مدينة زي دهب أو أسوان بعد فترة من عمري مش سهلة كما تبدو.  ابتديت أفكر أني هعمل جاهدا عشان أحقق حلمى أني أسكن في المهندسين، نفس المنطقة اللي فيها علاقاتي القديمة وحياتي بس الجزء النضيف فيها. أنا لسة بروح بولاق ولسة عايش بين البيتين بس الأيام اللي نمت فيها في أكتوبر حسيت فيها اللي فات ده، يمكن بعد فترة هتعود، لأن الانسان بيعتاد دايما الأوضاع الجديدة، يمكن هحب هنا أكتر وهنجح أظبط حياتى على الشكل الجديد ده وبدأت أعمل خطوات في ده كمان،  بس لغاية ما ده يحصل أنا حاسس بغربة وبشعور مش مريح أوي.



      

الأحد، 17 سبتمبر 2017

مجاذيب، وعباقرة، وفتيات جميلة وعودة ثانية للكتابة

اعلم عفاك الله أن القصة تبدأ على الدوام هكذا فتي طموح رزين، فتاة شاعرية عادية الجمال لكنها عندما تتحدث عينيها تلمع بتلك اللمعة التي تشعل مكامن روحه، تفتنه ثم تجري الأمور فلا حول ولا قوة إلا بالله!
واعلم يا هذا أنه منذ بدأ الخليقة تتكرر الحكاية، عبقري أحرقه الحب فانطلق يشكو لهيبه موسيقي، سطور لا تنتهي، أشعار، أو حتى رسومات لا يهم كثيرا.
طفل لن يقبل الهزيمة، فيحاول أن ينتصر، أحيانا ينس طموحه فيحترق في غياهب النسيان، أحيانا أخرى ستشعل طموحه إلى الحد الذي يجعله ينفجر لعله أن يرضيها فيفشل، لكنه دون أن يدرى قد كتب أجمل رواياته وأشعاره التي سيخلدها التاريخ، وأنه لم ينل إعجابها لأن الأمر لا يتوقف على العبقرية فقط فانظر وتفكر قليلا!
طموح سينس كل ما حدث كأنه لم يكن ويتفرغ لصناعة المال، فيدهس هذا و يهدم بيوت ذكريات ذاك بلا أمل ولا ألم فكل هذه الأشياء انتهت، أو ربما عند تقاعده سيتذكر كل ماحدث لا علم لى !
واعلم أن أعظم الروايات قد تبدأ ب(هي) ثم يقرر الكاتب أن يخفي آثارها فيكمل بناء روايته محاولا إخفاء آثار أنها (هي) حجر الأساس، وأن كل ما كتب أو سيكتب يدور حولها ، سينجح لكن"من ذاق عرف"، فنظرة قارئ عاشق للرواية ستخبره بكل شييء. واعلم أن كمال هو محفوظ وعايدة شداد في الأغلب هي الفتاة التي خلبت لبه في زمن غابر وأن الثلاثية العظيمة ربما هي نتاج لحب، لنزوة طارئة آلمت بعبقري فقرر أن يخلد حبه. فتأمل ولا ترمني بالجنون!
واعلم يا صديقي أن هؤلاء الثائرين قد قروءا لمجذوب آخر عن الثورة والحب، فققرروا أن يلبوا نداء غواية التمرد فامتلئت الشوارع بالمجاذيب الذين يهتفون حرية، ثم سرعان ما انطلقوا يخلقون قصص حبهم - مآسيهم فيما بعد - ثم انفضت الجموع ولم يبق من الهتافات والقصص المجنونة سوى آثار باهتة وشبح حكاية سيحكونها فيما بعد لأحفادهم. سيحكون لهم عن نداء الحرية، والحب الذي يصنع المستحيل، وكيف أنهم أول من قرر أن يصنع ملحمة على ضفاف النيل وأنهم يختلفون عن أسلافهم، سيحكون كل هذا دون أن يدركوا أنهم في حقيقية الأمر يكررون قصة لا تنتهي بشكل آخر أكثر ملحمية، فتعلم وتفكر قبل أن تصيبك الغواية أنت الآخر يا هذا!

الاثنين، 1 مايو 2017

Next step

ممكن نسمي المرحلة ديه من حياتي مرحلة التحضير للخطوة الجاية من حياتي. بعد ما خلصت كلية كان عندي حلم السفر، بس مكنتش حاسس أني مستعد لسة للخطوة الكبيرة ديه،  دلوقتي بدأت أحس أني مستعد لده، الدنيا من حواليا بتجري، كملت سنة في الشغل، ومبقتش حاسس أني هخلص الماجستير في جامعة القاهرة، حصل تغيرات كتير في حياتي، صحابي القريبين فيهم كذا واحد خطب، وبعد 5 شهور من دلوقتي هيحصل تغيير كبير جدا وهو سفر منة، وبدون قطع كلام منة كانت قريبة جدا الفترة اللي فاتت وحاسس أن سفرها ده ضاغط على أعصابي ومخليني freak out، وحصل بسبب ده توترات ملهاش لازمة عامة أنا بعتذرلها عن أي ضغوطات من ناحيتي، كفاية اللي هي فيه وباذن الله الدنيا تمشي smooth كالمعتاد الفترة الجاية.

المهم العالم بيتغير حواليا زي ما قلنا وهيتغير أكتر لما في ناس تانية هيسافروا، وفي اللي هيتجوزوا وبتاع، وحان الوقت للتكيف مع العالم الجديد. محتاج أحضر نفسي للسفر اللي عاوزه يبقى بعد سنتين على الأكثر من دلوقتي، ونتيجة لتحضيري للسفر محتاج أخلص اللي لازم يخلص في مصر قبل ما أمشي. محتاج أكتب روايتي الأولى، محتاج أكون حوشت فلوس كويسة تقلل مخاطرة السفر اللي هاخدها وأني سايب شغل حلو جدا في مصر في مقابل سفر مش أكيد هيبقي على شغل لكن ممكن جدا يبقى دراسة، محتاج أحط خطة واضحة لكل ده، اللي بالضرورة مش همشي عليها بالحرف لأني شخص مش بيعرف يعمل ده، لكن على الأقل هيبقى عندي خطوط عريضة تعرفني أنا بعمل ايه.


 
بمناسبة الكتابة، دار الشروق فاتحة تقديم أعمال لغاية 30-6 هل هقدر أخلص روايتي في شهرين وأقدم عندهم، حقيقي مش عارف، بس الموضوع مغري جدا وغالبا هديله محاولة، محضر لمنة شوية حاجات حلوة تطمنها وتبسطها قبل ما تسافر بس محتاج أخرج من حالة الضيق اللي أنا فيها بسبب آخر صدام مع عمرو وعثمانة، محتاج أبدا اذاكر سوفت وير بشكل أكثر جدية وأتحكم في وقتي أكتر من كدة. وأخيرا في موضوعين صحفيين عاوز أعملهم، واحد فيهم بدأت فيه بس ليه علاقة بالسياسة وأنا مبقاش عندي طاقة ليها بس لازم أكمله والتاني ليه علاقة بأحمد خالد توفيق وعندي شغف جدا أكتب عنه بس محتاج مجهود جبار. بس كدة ده اللي في دماغي  حاليا.

  

الأحد، 2 أبريل 2017

حبة رغى أتاخروا

معدل كتابتي في المدونة هنا قل جدا، انهاردة وأنا قاعد مع لبني وهاني هي فكرتني إني أيام الجيش كنت بكتب كتير جدا، قلتلها اه بس أنا حاليا لسة بكتب بردو يمكن أقل طبعا بسبب الوقت مبقاش متاح زي الجيش، ويمكن السبب التاني اللي محبتش أذكره لأننا مكناش لوحدنا أني المحرك ليا في كتابات المدونة هنا واللي هي كتابات شخصية خاصة مبقاش موجود فطبيعي كتابات هنا تقل. لكن في المجمل كتاباتي وإن كانت قلت لكن مش بصورة كبيرة أوي، كتبت كذا نص في تمبلر وبكتب على الفيسبوك غير الكتابات الشخصية اللي بحتفظ بيها لنفسي وكتبت مقالين كمان عن رواية رحلة الدم. لبني انهاردة بسؤالها ده حمستني أني أرجع أكتب تدوينة طويلة وانهاردة يوم جميل كمان فأنا عندي الطاقة أني أكتب حبة وأسهر شوية حتى لو أنا حاسس أني بسقط ونفسي أنام لأني عارف أن لو مكتبتش دلوقتي فالتدوينة ديه مش هتتكتب فيلا نكتب شوية.

 لو أننا نتوقف للحظات ونهدر بعض طاقتنا على أرواحنا المكدودة بدلا من هدرها على الآخرين فقط ستصبح الأمور أفضل قليلا!

يوم الأربع كنت مخنوق من الشغل، مشتغلتش كتير وكنت على ميعاد مع فوزي أني أروح أجري معاه. فوزي كان لسة هيتأخر ساعتين كمان في الشغل وأنا مش هستحمل أقعد الساعتين دوول. اتخنقت في الأول لكن فجأة لمعت في دماغي فكرة كان نفسي أعملها من زمان، قلت أنا هخرج نفسي لوحدي لغاية لما فوزي يجي. روحت على سيموندس شارع شريف اللي هو تقريبا مكاني المفضل حاليا وجبت قطعة جاتوه وكوباية شاي مزاج وقعد أقرا رواية أفراح القبة اللي بالمناسبة نفسي أكتب مقال عنها بس مفيش صحة دلوقتي رغم أني متحمس  أكتبه كفاية التدوينة ديه . الساعة اللي قعدها مع نفسي ديه كانت جميلة جدا ولما قابلت فوزي مودي كان اتغير تماما، فوزي قرر نتمشى من وسط البلد للتحرير لأنه مش هيقدر يجري وأنا وافقت على ده وكانت تمشية حلوة وحقيقي كان آخر يوم حلو أوي مختلف تماما عن أوله.

الغضب يلتهم النفوس، لكن ربما نحتاج للقليل منه حماية لأرواحنا الضعيفة، قليل من الغضب يمكن التحكم فيه ربما أمر صحي! 

دايما الناس بتتغني بالقيم الملائكية وحقيقي هو أمر حلو بس مؤخرا بدأت أحس أني لأ بعض من الصفات زي الغضب وأنك تأخد موقف مطلوبة جدا، لأن الناس للأسف مش بتراعي أو مش بيأخدوا بالهم لما تغضب منهم وترجع تكلمهم عادي أن في زعل كبير حصل. يمكن غفلة منهم، يمكن بيفتكروا أنك كدة أنت اللي غلطان مش عارف، وزهقت من كتر محاولات الفهم. مؤخرا زعلت مع صديقة كنت بعتبرها عزيزة جدا - ولازالت على فكرة رغم أن بقالنا فترة بطلنا نتكلم - المرة ديه لأول مرة مرجعش أتكلم، عارف أني في النهاية هينتهي الغضب لأني شخص مش بعرف أحتفظ بالحاجات ديه كتير وأنا عامل معجزة لحد دلوقتي بس اللي عارفة أني حتى لو أنتهي الغضب، في حدود جديدة اتحطت ما بينا وفي حاجات حصلت مش هنساها زي كل مرة لأني أصبحت أكثر نضجا دلوقتي، ولأني اكتشفت أن مهما كنت بتعز شخص متسمحلهوش يعاملك بأقل من اللى أنت شايف أنك تستحقه، يمكن أفضل تفضل تقدره من بعيد بدل ما يحول معزتك عنده لكراهية. في فترة الغضب الشديدة ديه وقعت قدامي أبيات الشافعي التالية ديه وعجبتني جدا كنت عاوز أكتب عنها تدوينة منفصلة بس معنديش كلام أقول كتير عليها فهسيبهم زى ما هم بدون تعليق مني : 

إِذا المَرءُ لا يَرعاكَ إِلّا تَكَلُّفاً *** فَدَعهُ وَلا تُكثِر عَلَيهِ التَأَسُّفا
فَفِي النَّاسِ أبْدَالٌ وَفي التَّرْكِ رَاحة ٌ *** وفي القلبِ صبرٌ للحبيب ولو جفا
فَمَا كُلُّ مَنْ تَهْوَاهُ يَهْوَاكَ قلبهُ  *** وَلا كلُّ مَنْ صَافَيْتَه لَكَ قَدْ صَفَا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة ً ***  فلا خيرَ في ودٍ يجيءُ تكلُّفا
ولا خيرَ في خلٍّ يخونُ خليلهُ  ***  ويلقاهُ من بعدِ المودَّة ِ بالجفا
وَيُنْكِرُ عَيْشاً قَدْ تَقَادَمَ عَهْدُهُ ***  وَيُظْهِرُ سِرًّا كان بِالأَمْسِ قَدْ خَفَا
سَلامٌ عَلَى الدُّنْيَا إذا لَمْ يَكُنْ بِهَا ***  صديق صدوق صادق الوعد منصفا

الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك

يمكن الحكمة ديه اللي كانت بتبقي مكتوبة على كتب المدرسة الابتدائي مضحكة جدا لما نقرأها دلوقتي وكليشهية جدا بالنسبة لينا إحنا جيل التمرد على القيم بتاعت الأجيال السابقة اللي معظمها ممكن يكون أخلاق مزيفة من عينة " متشمتش لكن قشطة برر القتل". أنا حقيقي عندي مشكلة في حوار الوقت ده والناس اللي مش بتحترم مواعيدها بيخلوني أضايق، أنا شخص نافد الصبر مش بحب الإنتظار أصلا والموضوع بيضغط على أعصابي، بدي مواعيد الناس بتستغربها زي 7:10، بعد 3 دقائق هكون عندك، بس ديه شخصيتي يمكن أنا من ساعة لما عرفت بعض صحابي المقربين حاليا الموضوع ده قل شوية لأن مواعيدهم زي الفل طبعا فبينقطوني بس عامة لسة حوار الوقت موجود عندي. مش بدعي أني مثالي لأني بتأخر ساعات على ناس بس بيبقي في حالتين المواصلات خانتني بزيادة أو الصحيان بدري وأنا مش نايم كويس لأني بحب النوم، بس عامة بالنسبة للناس أنا مواعيدي مظبوطة جدا. في العادي بعدي موضوع الوقت ده وبدي للي قدامي كلمتين وخلاص وقشطة نهزر، لكن يوم الخميس قفشت على 3 أصدقاء مقربين ومشيت وسبتهم قبل ما يجوا لأني قفلت الشغل اللي في إيدي وروحت عشان متأخرش عليهم وهم كانوا فاضيين وبكلمهم لسة كان قدامهم نص ساعة على الأقل واحد كان بيجرب لعبة واتنين متفقين المعاد 8:30 أصلا ومعادنا كان 8. الناس بتعتبر ده أفورة بس لما الواحد جاي تعبان من الشغل وبيقفله وهو مش مخلص ومأكد المعاد 3 مرات وأساسا هو من النوع اللي بيضايق من المواعيد البايظة فالموضوع يضايق جدا. منة انهاردة كانت بتقولي أنك محتاج تتعايش مع الناس أكتر وتتكيف معاهم عن كدة، كلامها صح لحد ما وأنا بعمل ده أصلا بس التكيف ليه حدود بردو وحقيقي نفسي الناس تعامل الوقت بطريقة أحسن من كدة.

ربما في لحظات ضعفنا ووحدتنا يمكننا أن نصف البشر بأنهم  كائنات  مخيبة للآمال، لكن بالتأكيد هناك دوما هؤلاء الذين يجعلونك تتراجع عن وصفك هذا وتغضب من نفسك لأنك فعلت هذا هؤلاء الأصدقاء هم الأعظم على الإطلاق.  

عندي صحاب كتير حلوين جدا الحمد الله، بندعم بعض ونتعكز على بعض زي ما صديقة بتقول. من بين أصدقائي الحلوين دوول في ناس  كدة ليهم مكانة مميزة منهم  منة، عرفت منة في شهر 8 اللي فات وفي الشهور القليلة ديه بقت صديقة مقربة جدا، هفتقد منة كتير جدا لما هتسافر بس أنا من ناحيتي هحاول أخلينا متواصلين جدا زي ما بعمل مع عاصم الشيمي حاليا. منة من الشخصيات اللي بعرف أحكي ليها هواجسي بدون تردد وبتفهمني جدا - يمكن ده لي علاقة بأنها شبهي في حاجات كتير-  التفهم ده من ناحيتها  شيئ بيبسطني. امبارح فجأتني لما بسألها عن الشخصيات اللي بتتوافق معايا قالت الحاجات الصح كلها أنا انبهرت حقيقي. ربنا يديم الصداقة.

بمناسبة الأصدقاء كنت بتكلم انهاردة مع سعيد عن الأوفرثينكنج، فجت سيرة التفكير الكتير في تصرفات الناس وأنهم بيتغيروا حتى أقرب الناس لييك، كنت بالصدفة متناقش مع منة في الموضوع ده. كان رأيها حلو في النقطة ديه قالتلي أن أه في ناس بيتغيروا فعلا بس أنت المفروض تفرق بين الناس القريبة منك واللي عمرهم ما يعملوا ده وساعة لما تحس ده منهم تديهم مية عذر، ولازم منعممش تجاربنا السيئة على كل الناس. نقلت الرأي ده لسعيد بالظبط وهو اقتنع بيه وارتاح شوية وأنا مقتنع بردو بنفس الرأي

الأيام الجيدة تستحق أن تكتب، ربما هي ليست درامية كفاية، لن يشهق الجميع عند قرائتها من فرط الإعجاب، الحزن ملحمي أكثر. لكن في النهاية السطور المكتوبة عن الأيام السعيدة هى ما سيطئمنا عند توحش الكآبة أن السعادة ممكنة وأننا نلناها يوما ما وربما سننولها ثانية 

انهاردة يوم جميل، قابلت مهاب الصبح في السباحة، بغض النظر أني أدائي كان سيئ لأن اللياقة ضايعة خالص بس مقابلة مهاب بسطتني وحكينا حبة حلوين. فطرت بعد كدة في كافيه سوبريم مع منة كان بقالي كتير مشوفتهاش وكانت قعدة حلوة حقيقي اتكلمنا عن سفرها وعن رأينا في حاجات كتير جدا. بعد كدة روحت اتغديت، ونزلت لصديق عشان موضوع خير ليه أتمني أن ربنا يتمه على خير ولو تم باذن الله هكتب عنه بالتفصيل. شفت هاني ولبني كمان انبسط بده بردو. أخيرا روحت لنصر وهدى مع زياد وإسلام بده عشان نهنيهم بجوازهم، نصر كبرنا أوي، صاحبنا بقى صاحب بيت خلاص، العمر بيجري، كانت قعدة حلوة، زياد كان عسل فيها والعريس والعروسة كمان، الانبساط زاد ويارب اليوم الحلو ده يفضل فارق معايا لفترة حلوة

امبارح الجمعة كان حلو بردو، صحيت الصبح على موبايل زياد وكسلت أنزل السباحة كنت متوقع أني هصحى مضايق، لكن فقت تماما وذهني صافي بعدها ب 10 دقايق، كان ممكن أنزل السباحة بس لقيت نفسي عاوز أكتب، عملت فطار ليا ولنورهان أختي وبعدين قعد أكتب شوية في الرواية، طلعت صفحتين ومتحمس أني كل أسبوع هكتب حبة خلاص، نفسي أعرف أحافظ على الصحيان بدري ده يوم الجمعة، حقيقي فترة قبل الصلاة بتبقي حلوة أوى. فكرت أني عاوز أتعلم السواقة وأعمل روتين لحياتي بعد كدة كل جمعة أكتب أو انزل النادي أقعد شوية وبعدين أروح أصلى في مساجد القاهرة القديمة، العربية هتبقى مهمة جدا ساعتها. في نفس اليوم اتكلمت مع مايسة عشان تكلمني  صديقة ليها في موقع منشور، عاوز اشتغل بارت تايم هناك لو في فرصة، مش فكرة فلوس وهقبل بأي حاجة لو جت الفرصة بس عاوز أبقي أكثر التزاما في الكتابة. بمناسبة الكتابة أنا بحب نجيب محفوظ جدا وعجبني جدا روتينه اليومي الجميل وتنظيمه وده كان من أهم أسباب أنه بقى نجيب محفوظ وساعد على توهج موهبته لفترة طويلة منطفتش علطول كعادة الموهبين.

أخيرا لازم أروح معرض الزهور السنة ديه هنبسط جدا يا رب أعرف أروحه الأسبوع ده. وبس كدة خلصنا فاضل أني أوري التدوينة لبعض الناس اللي أسمائهم مذكورة هنا. شكرا للبني أنها حمستني أكتب بسؤالها والله.




الأربعاء، 4 يناير 2017

بداية عام جديد AKA وداعا 2016


عاما آخر مضى، المزيد من الدماء، والمتفجرات، والقتلى. الجنون لازال يجتاح العالم، اليمين يصعد في كل مكان، والحالمون يتساقطون فهذا عالم بشار وذئاب داعش المنفردة. بينما كل ما تبق من العالم الذي ظن الثوار أنهم نسجوه منذ ست سنوات  يقبع الآن تحت جنازير الدبابات وأقدام الجنرالات. اليائسون يجوبون الأرض يصرخون في فزع مما حدث وما سيحدث، فكما قال الملك  ثيودين في سيد الخواتم:
"So much death. What can men do against such reckless hate?"

أما نحن - الذين لازالنا على قيد الحياة حتى الآن ولم يتم احتجازنا في سجون الطغاة ولم ننضم بعد لجحافل اليائسين الصارخة - نحاول أن نحيا على هامش تلك الحياة، أن نصنع فقاعات صغيرة نحيا بداخلها فربما تحمينا من شظايا القنابل ومرض الجنون الذي اجتاح مدن هذا العالم. نحاول أن نحفظ عوالمنا الصغيرة من الإنهيار الذي أصاب عالمنا الأكبر.

حسنا لنستغل بداية العام الجديد  لنتحدث عن عوالمنا الصغيرة ونحكي عنها وعن ماذا تغير في السنة الفائتة، أما العالم الأكبر المليئ بالشر والكراهية والثوار المنهزمين وأطلال المدن المحترقة  فنملك أيام قادمة كثيرة يمكننا التحدث عنه فالآن ليس وقت هذا.
-----

انتهى الجيش ومع نهايته في الأول من مارس كانت بداية 2016 بالنسبة لي. تجربة الجيش الخاصة بي لم تكن سيئة في المجمل. أهم مكاسبها الرفاق الذين عرفتهم أثنائها رجالة اللواء سيد (مصطفي-علاء-ميجز-مجدي-عبده-ابراهيم-زياد-سنبل). تزامنت نهاية الجيش مع ما ظننته نهاية لتجربة شخصية بطريقة مؤلمة للغاية نتج عنها خسارة شخص عزيز للغاية. كان الإرتباك سيد الموقف في اوائل السنة الفائتة فبالرغم من أن نهاية الجيش يعتبر لحظة سعادة صافية إلا أن التشتت والقرارات السريعة التي كان يجب إتخاذها بخصوص مشواري المهني وتجربة خسارة شخص عزيز كانوا كافيين أن يسببوا لي الارتباك.

مع مرور الأيام والشهور بدأ الإرتباك ينتهي تدريجيا. اتخذت العديد من الخطوات التي تبين لاحقا أنها صائبة. خضت مخاطرة محسوبة ووافقت أن تكون أول وظيفة لي بعقد مؤقت لمدة شهرين كونها الأكثر مناسبة لي من الناحية (التيكنكال). شجعني على خوض هذا عاصم الشيمي، خالد يحيي، وزياد، وكانوا من أكثر الداعمين في هذا الشأن وفي تهدئة مخاوفي في أمور أخرى، ممتن لهم للغاية. الآن - ونتيجة لهذه المغامرة -  أنا أعمل بعقد دائم في وظيفة أعتقد أنني أحبها. الشخص العزيز الذي ظننت أنني خسرته في بداية العام عدنا للحديث ثانية، عدنا مقربين. التجربة المؤلمة التي مررت بها كانت الوسيلة الأفضل لنصيغ علاقتنا بطريقة أفضل لكلانا دون أن يؤذي أحدنا الآخر.

بمجرد مرور شهر وبضعة أيام  من نهاية الجيش كنت حصلت على وظيفتي الأولي في شركة منتور. شعرت بالسعادة رغم التشتت النفسي الذي كنت أمر به، مرت الشهور الأولي لحصولي على الوظيفة بعضها جيد والبعض الآخر - ربما أكثر قليلا من الأيام الجيدة - سيء ذلك حتى شهر رمضان الذي أدخل السكينة على روحي كعادته. بعد نهاية رمضان بدأت السنة تتخذ منحني آخر. قمت بفعل مميز جدا لأحدهم، ثم في شهر سبعة بدأت تعلم السباحة، أحد الأشياء التي كنت أريد أن أفعلها منذ زمن ووضعتها في قائمة أمنيات عام 2016. في اليوم الأول لتعلمي السباحة وبعد التدريب كتبت الآتي :

"سنة الأشياء المتاخرة او ان تاتي متاخرا خيرا من الا تاتي ابدا انهاردة بدات سباحة انبسط جدا ويارب الحماس يفضل موجود"

الآن مع نهاية العام اصبحت أستطيع السباحة بالفعل - كنت أخطط ليكون هذا متزامن مع عيد ميلادي لكن لا بأس - وسعيد جدا بتلك الخطوة التي تاخرت كثيرا. على ذكر الأشياء التي تأخرت جربت لأول مرة (سواقة العجل) - لا أعرف لماذا لم أتعلم هذا وأنا طفل لكنني كنت طفل أغوى الأتاري والقراءة- كان هذا في الساحل الشمالي. شعرت بالسعادة جدا بسبب هذه التجربة الطفولية. بالإضافة للسباحة قمت بممارسة الجري ثلاث مرات أسبوعيا لمدة أسبوعين حتى توقفت بسبب جيوبي الأنفية وتعليمات الطبيب. الرياضة  بوجه عام ساعدتني كثيرا في تحسين حالتي النفسية.

 شهر أغسطس خاصة منتصفه الثاني من الأيام الجديرة بالذكر ففيه حصلت على عقدي الدائم في العمل، تعرفت على الصديقة منة العزيزة التي تعتبر من مكاسبي هذا العام، وكنت احرز تقدم لا باس به في السباحة، بينما علاقتي بالشخص العزيز الذي كنت ظننت أنني خسرته كانت بدأت تعود تدريجيا بقوة وثبات. كل تلك الأشياء بالإضافة لدعم الأصدقاء كانت من أهم أسباب انتهاء حالة التشتت التي كنت أمر بها وعودة استقراري النفسي لحد كبير. ربما لو يمكنني أن أحدد لحظة ما لبداية عودة الاستقرار النفسي فهي بالتأكيد تقبع في المنتصف الثاني من شهر أغسطس الذي كان رفيقا هذا العام على عكس من طبيعته الثقيلة على النفس. 

معدل مقالاتي وتدويناتي - باستثناء شهري يناير وفبراير - قل هذا العام بسبب انشغالي في العمل الجديد ودوام الثمان ساعات القاتل، لكن الخبر الجيد أنني حصلت على أولى جوائزي الأدبية إطلاقا هذه السنة. حصلت على المركز الأول في مسابقة نقابة المهندسين للقصة القصيرة من بين ما يزيد عن خمسين متسابق عن قصتي القصيرة جنية على البحر التي استلهمتها من ثورتنا وتأثرت في أسلوب كتابتها بسعيد الكفراوي. كانت إحدى اللحظات الاستثنائية والسعيدة للغاية هذا العام. بذكر الكتابة لأول مرة جديا هذه السنة أفكر أنني ربما بعد عشر سنوات من الآن سأتوقف عن كوني مهندس في دوام عمل دائم، ربما استعيض عنه بدوام جزئي ( part time ) أو حتي اتوقف تماما لا أعرف.

شهدت 2016 سفر الكثير من المقربين، محمد أسامة سافر لتركيا وعاصم لأمريكا ولحقهم أحمد أخي للسعودية. أفتقدهم بالفعل، لكن لا بأس فالتكنولوجيا ساعدتنا كثيرا في تخطي هذا الأمر. أتواصل مع عاصم بمعدل مكالمة أسبوعيا. تقريبا نتبادل فيها كل تطورات حياتنا التافه منها والجاد. سعيد بأننا أصبحنا مقربين لتلك الدرجة. تجربة عاصم بأمريكا مميزة، في انتظار كتاباته عنها. أحمد أخي نتحدث كل يوم تقريبا، أما أسامة فلا يوجد توقيتات ثابتة. السفر لم يعد ذلك الكابوس الذي يخيفك بأشباح الغربة والبعد عن بلادنا الدافئة الطيب أهلها. بالطبع الغربة قاسية لكن بلادنا أصبحت أكثر قسوة. أعرف أن السفر أحد الخيارات الممتازة لأقراني في هذه الأيام الصعبة، لهذا رغم ما يسببه تفرق سبل الأصدقاء إلا أنني أتفهمه وخاصة أنني أرغب أن  أخوض تجربة مماثلة.

تجربة السفر المكثف التي يمتاز بها جيلي تجربة مثيرة للإهتمام، تحتاج لدراسات أكثر وبعيدا عن الدراسات الأكاديمية الجافة تحتاج لكتابات انسانية أكثر من أصحاب التجربة أنفسهم،بالتأكيد ستنتج أدب إنساني مبهر.

في 2016 العديد من الأصدقاء المقربين جدا ارتبطوا. هاني ولبني أخيرا فعلوها، أحد أهم أحداث 2016 بلا شك. كنت سعيد الحظ بأنني شهدت جزء كبير من تلك القصة الرائعة، أتمني لهم كل السعادة التي يستحقوها بلا شك. سعيد أيضا خطب في الساعات الأخيرة من 2016. شعور الارتياح والسعادة في صوته بعد عناء طويل ليكلل حبه بالارتباط الرسمي يبعث في روح المستمع إليه سعادة كبيرة. قصة حب سعيد لخطيبته ونجاحه في النهاية أثبت لي أنني لست واهما عندما أؤمن أن الحزن واليأس ليسا دائما مصيرنا وأننا يمكننا أن ننجح وأن آمالنا كثيرا ما تتحقق. اذا في العام الفائت صديقان من المقربين جدا كللا قصتي حب بارتباط بالتأكيد هذا من أحداثي السعيدة  جدا في 2016. مسعد تزوج أيضا، صديق الثانوية العامة وسنوات الكلية الأولى ومغامراتها التي تضحكني كثيرا أصبح زوج. خبر سعيد آخر. لكن ربما لو أخبرني أحدهم بهذا منذ سنتين كنت سأضحك فلم أكن أتخيل حينها أننا كبرنا لهذا الحد. 

أخيرا سافرت أسوان بعد غياب دام ست سنوات تقريبا، رغم أن الزيارة كانت قصيرة جدا عشر ساعات تقريبا وكان هدفها تقديم واجب عزاء إلا أنني شعرت بالسعادة جدا. وبذكر السفر سفرية الاسكندرية التي كانت في اليوم السابق لعيد ميلادي كانت من أجمل أيام تلك السنة أيضا. فوزي، مجدي، شريف، جودة، مازن، وسعيد كانوا رفاق تلك السفرية العظيمة للتوثيق.

كانت 2016 جميلة في المجمل أعتقد، رغم بدايتها المؤلمة وشهورها الأولى (خاصة شهر مارس، وابريل، وجزء من مايو)، لكن الأحداث السيئة انتهت وتعلمت منها:

"It is all about how to accept the past even though we have a time turner to change it"*

أملك سطور كتبتها تعبر عن فترات التشتت والألم في بداية العام لكن مكانها ليس في هذه التدوينة بكل تأكيد. ربما الخبر الوحيد السيئ الذي سأكتبه هو أن شريف فقد والده في هذه السنة. كان نخطط للسفر في الأسبوع السابق للوفاة، الأمور على ما يرام لا يوجد ما يشير أن والد شريف سيفارق الحياة. بعد صلاة الجمعة في يوم السابع والعشرين من رمضان شريف يحدثني ويخبرني بصوت مذهول أن باباه توفى، لم أستوعب الخبر ولكنه كان حقيقية. يوم سيء جدا وأعقبه أيام سيئة أخرى لشريف لكن بالرغم من مأساوية الأمر أعتقد أن شريف بعد هذه التجربة أصبح شخصا أكثر نضجا ومع الوقت سينتهي كل الألم الذي أصاب روحه. اقتربت من شريف كثيرا بعد هذه الحادثة وأصبحت صداقتنا أكثر متانة وربما هذا أحد المزايا الغير مباشرة لتلك التجربة الأليمة.

العام الجديد بدأ بالفعل، حضرت حفلة أنغام يوم 2 يناير، بداية جيدة للعام. أملك مخططات أخرى في الشهرين القادمين سيكملان بداية العام الرائعة، أتمني أن تنجح تلك الخططط. ربما أكثر ما أحتاج أن أخذ بخصوصه قرار في العام الجديد هو الدراسات العليا، هل سأكمل هذا الطريق وكيف سأكمله وأسئلة أخرى أحتاج الإجابة عليها.

أخيرا تمنيت العام السابق أن تنعم روحي بالهدوء النفسي. هذا العام أتمنى أن أحقق التوازن بين حياتي الشخصية وبين العمل، توازن أكون راضي عنه بنسبة كبيرة. أيضا أتمنى أن أكتب روايتي الأولى. يا رب تكون 2017 سنة سعيدة :))




*هاري بوتر الجزء الثامن هي من ألهمتني تلك العبارة