الثلاثاء، 31 مايو 2016

الحياة لفوزي...



حسنا لدي الآن صديق لأصدقائي يرتدي بدلة حمرا ، زميل بالدفعة بالتأكيد صافحته عدة مرات من قبل ربما آخرها في يوم الفوتوداي - اليوم المبهج  الذي التقطت فيه الصورة  أعلاه - تم الحكم عليه بالإعدام. الأمور انحدرت بطريقة مخيفة، الآن يجب علينا أن نتعامل 
مع إعدام أصدقائنا بعد أن كنا نتعامل مع اعتقالهم في سجون ضيقة تآكل أرواحهم ببطء، انتقلنا من مرحلة الحرية للأصدقاء لكي نكتب عن إعدامهم ونطالب بالحياة لهم!

كل ما سبق من إعدامات - عدا قضية عرب شركس - كنت أتعامل معاها بخفة وسخرية ففي النهاية هم لن يعدمون مرسي وبديع، موائمات، ضغوط دولية، نقض، استئناف، وكل تلك الأشياء التي ستمنع تنفيذ تلك الاعدامات، حسنا ما يتعرض له قادة الاخوان ظلم لكن في النهاية يمكننا بقليل من الجهد أن نتجاهل هذا، أن نزعم لأنفسنا أن كل شيء سيصبح على ما يرام، بالتأكيد لن يُعدم هؤلاء. لكن حتى تلك الرفاهية لا يتركوها لنا،  يصرون على التنكيل بنا حتي النهاية، سنعدم أصدقائكم، نيازك الظلم ستضربكم ولن تفعلوا شيئا حيالها، جل ما ستفعلونه هو كتابة المزيد من الهراء!

افاجئ أمس بخبر أن محمد حكم عليه بالإعدام، استقبل الخبر بهدوء فهو متوقع، لكنني لا استطيع أن أطمئن نفسي مثلما اعتدت مؤخرا  لم أعد قادر علي هذا. بماذا اطمئنها  مثلا أحدثها قائلا بالتأكيد لن يعدم محمد وكل هؤلاء الأصدقاء يكتبون عنه،  فيقفز الرد في ذهني   وهل لم يكن لضحايا عرب شركس أصدقاء يكتبون عنهم! ما الذي سيمنعهم من تنفيذ الحكم، سنفاجيء صباح يوم بأن محمد قد مات، وسيكتب بعضنا عن شهادته والبعض الآخر سيقسم على الانتقام له ثم لا شيء سنواصل حياتنا بتبلد كما اعتدتنا !

 الأمور سيئة للغاية يا الله، لم يعد لدينا مهرب، نقرر أن نعيش في فقاعات فيعدم أصدقائنا، نهرب خارج البلاد فتطاردنا صور الأصدقاء المبتسمة بينما هم يواجهون خطر الموت، نكتب الكتابة لا تغير شيء، نتظاهر سنلحق بمن في السجون وننسى هناك، صدقا  لم أعد أعرف ما العمل اذا!

يزداد كرهي لهؤلاء الذين يدمرونا حياتنا يوما بعد يوم، وأحاول ألا اتخيل ماذا حل بنفوس الذين قُتل أبنائهم أو أخواتهم أو أصدقائهم المقربين، وحقا لا أعرف إلى متى سيظل الوضع هكذا بكل تلك الكراهية التي يملأون بها نفوسنا والظلم الذي ينشروه بلا أدني تأنيب ضمير.

الحياة لفوزي...

الخميس، 19 مايو 2016

هذا الوقت سيمضي.

"هذا الوقت سيمضي" نقشها الملك على سرير زوجته وهمس في أذنها بالكلمات السحرية فابتسمت لأول منذ زمن بعيد ونامت مطمئنة البال بعد ليال طويلة من البكاء والألم فكل هذه الأحزان ستزول والألم سيختفي كأنه لم يكن. لكن الملك أغفل أن يخبرها بالجزء الآخر من كلمات الحكيم ربما أغفل عن قصد لأنه لم يؤمن أنها صحيحة أو لأن ابتسامتها أنسته فعلا الجزء الآخر
كل هذا سيمضي الفرح والطمأنينة والسعادة وأيضا حبها له التي تجلي في ابتسامتها له قبل أن تستغرق في النوم امتنانا سيمضي !
ربما لهذا - نحن البشر - يجب أن نكون أبناء اللحظة الراهنة !



*هذه تذكرة لي بالصورة الأكثر تعبيرا عن هذه التدوينة التي احتفظ بها لنفسي  

الثلاثاء، 10 مايو 2016

الدنيا ريشة في هوا بديلا عن تدوينة أخرى عن الألم والحب

كان من المفترض أن تكون هذه تدوينة أخرى عن العلاقات الانسانية وعن الجفاء والعشم والحب الذي يتحول لألم والأشخاص الذين خذلونا وعن الانسحابات الذي تأخرت من طرفنا وعن كل ما حدث وما كان سيحدث وما يحدث الآن

لكن دعنا من كل هذا الآن ما انتهي كان يجب أن ينتهي ولنتذكر أنني لم أفكر أبدا أن أضر أحد ولم أفعل هذا حتي دون قصد  العكس حدث معي ومن فعل هذا ناضج بما يكفي ليعرف نتيجة اختياراته. وكفاني تفكيرا أنه لا يمكن لهذا الشخص أن يفعل هذا، لا يجب أن أبرر له أفعاله فهو فعلها بالفعل! وآلمني رغم أنني طلبت صراحة ألا يفعل هذا لأنه سيصيبني بألم لا أتحمله لكنه أصر على أفعاله
لم استحق كل هذا قطعا. ولن أنسى أبدا أنه نكأ جرحي رغم توسلي ألا يفعل هذا. حتي لو سامحت مستقبلا لن أنسى ! 

ممكن بدلا من كل هذا السخف نسمع "الدنيا ريشة في هوا" بصوت سعد عبدالوهاب  حاجة عظمة على عظمة 
https://soundcloud.com/esmalizm/cvvygm7zmhvn

ولعل هذه هي نهاية الكتابة عن تلك القصة السيئة ولا أعود للكتابة عنها مرة أخرى إلا وأنا أشعر بالقوة وأضحك منها بينما فتاتي الجديدة تنتظرني لنخوض مغامرة أخرى سويا  

PS:
* هذا النص الذي كتبه الرائع طارق حجي منذ شهور يعبر عما شعرت به عند النهاية والمضحك أنني كنت أرسلته لها قبل النهاية لأنبهها ألا تفعل هذا معي ولكنها بلا تردد فعلت هذا !
"كثير من القصص تنتهي نهايات سيئة، لكن ربما أسوأ القصص هي تلك التي تنتهي بأن "نُترك"، أن تُترك، أن يُستغنى عنك، يعني بكل بساطة أنك لم تكن أصلا، سائر في الطريق شعر بثقل ساعة في معصمه فخلعها و وضعها على الرصيف و أكمل سيره دون نظرة للوراء، هذه الساعة الملقاة على الرصيف بلا اهتمام أو شعور بالذنب هي نحن حين نُترك!، هذا هو الأمر بكل بساطة، و بكل قسوة.
و هذه النهاية هي الأسوأ، لأنها أبدا لا تنتهي، إن الترك يزلزل الماضي كله، يحيله أنقاضا، و يصدع الذات فيحيلها كسرات، و يحيا المتروك بعده باحثا عن صوره في هذه الأنقاض، ممنيا نفسه بلملمة كسرات ذاته من بقايا الصور، لكنه أبدا لا يجد له صورة، فالترك لا يبقي لنا صورة، الترك هو الشطب على كل صورة، إحالتنا عدما كأننا لم نكن، و إحالة الماضي وهما غير سعيد، لذا فنحن بعد أن نُترك لا نصبح مجرد وحيدين أو حتى حزانى، إننا نصبح بالتحديد متروكين! هذا لأن الترك لا يسبب ألمه ثم يمضي، بل يسكننا كشبح و يحيط بنا كظلة و يتخلل كسراتنا كماء مالح."

*أخيرا أعاهد نفسي ألا أفعل بأحد ما حدث بي مهما كان الموقف فاكتب:
"أعرف شخصا أحب كما لم يحب من قبل فتعرض لألم بقدر هذا الحب لكنه عاهد نفسه أنه بقدر هذا الحب والألم لن يعرض أحدهم لكل هذا الألم مهما حدث ! ربما هو أصبح غير صالح للحب، ربما هو يعتقد هذا الآن لأنه لم يتعاف بعد، لكن أي كان لن يصبح مؤذ هو الآخر بل سيقطع تلك الدائرة!"

الأحد، 8 مايو 2016

مواسم هجرة الأحزان

*الصورة تصوير الصديق شريف حسني !

The legend says one must pick up a stone and make a wish when sees a meteor
عزيزتي/
اكتب لك هذه المرة بينما النجوم تظلل رأسي والصحاري الواسعة المظلمة التي لا تري نهايتها علي مدى بصرك كأنني انتمي لزمن اخر ليس زمن الحوائط العالية والمباني التي تجثم علي الأنفس وتخنقها. ربما الحقيقة بالفعل اننا ننتمي إلي هناك بشكل أو بآخر، ومآلنا النهائي هو غبار سيحيط بتلك الاجسام المنيرة غبار له جمال أحلامنا لكنه مبعثر مثلها بعد تطايرها.
لا اعرف عن ماذا اكتب لكنه شيطان الكتابة - أو هو ملاكها لا أعرف يقينا - يدفعني دفعا لهذا ربما أكتب عن نظارتي التي سأستبدلها قريبا وبفعل هذا سأشعر انني تخلصت من كل آثام - ان كان يجوز لي تسميتها بهذا - العام الماضي فخلاف روحي التي مرت بكل هذا تلك النضارة هي آخر ما يربطني بهذا الزمن الذي يبدو بعيدا الآن. ربما نضارة جديدة ستساعدني على رؤية الأمور أفضل، الضباب الذي أحاط بروحي سيتلاشي باستخدام عدسات جديدة.ربما...

حسنا لا تغضبي يا حلوة، أعرف أننا اتفقنا أن ما انتهي كان يجب أن ينتهي، وأننا يجب أن نواصل حياتنا. لكن لنعتبر أن هذا هو موسم هجرة الأحزان وأن هذه النجوم العظيمة التي لن أري مثلها قريبا هي اشارة بداية هذا الموسم لهذا كان يجب أن ألمح للأحزان قليلا حتى أستطيع أن أكتب عن موسم هجرتها. دعنا من كل هذا الآن ويمكننا التحدث قليلا عن الفتيات التي يكتبن عن الحب الذي سيغرقون في بحوره بمجرد أن يجدونه، ولكنهن يتركونه علي قارعة الطريق ويسيرون في طريقهم دون أن يلقون بالا له. ثم يأتون بعد عشرات السنين ليتحدثن عن قسوة تلك الدنيا غير عالمين أن القسوة تقبع في قلوبهم ذاتها. فتيات جميلات، كلماتهم رشيقة لكنهم أبدا لم يعرفوا معنى الحب الحقيقي وإلا ما عاملوه بكل هذه القسوة. أعرف أن الحياة قد تفرض علينا الكثير من الأشياء، لكن لا أؤمن أبدا أن ما يفعلونه جزء من تلك الأشياء التي يجبرنا عليها العالم!ّ

دعينا من الفتيات والحب وكل تلك الأشياء التي لا نهاية لها. هذا المنظر المذهل والظلام الذي يبدو بلا نهاية يغري  بالحديث عن أشياء أخرى مثل  هؤلاء الفتيان الذين يتقدون حماسة و يتحدثون عن المغامرات ونشوة المخاطر ثم بهم الحال في وظيفة في إحدي الاحياء التي لم يسمع عنها احد من قبل سوي سكان تلك البقعة التعيسة من العالم، فقط لأن خوفهم انتصر في لحظة هشاشة يشبهون الشهاب الذي ينتقد لثانيتين فقط ثم ينطفأ للأبد. الأمر محزن ومربك عزيزتي، كيف تتلاشي كل هذه الحماسة. كيف يمكن لأشياء من المفترض أن تجعلنا أكثر سعادة كالمال والزواج والوظائف الرائعة في الشركات التي يحلم الكثير بالعمل فيها أن تمتص كل هذا الحماس وتحولنا لأشياء عديمة النفع خاوية الروح. لا أعرف لكنني أعد نفسي أمام كل هذه النجوم أنني سأحاول قدر الإمكان ألا أتحول مثلهم. لعلي أنجح في هذا عزيزتي!

الآن انتهي من إطلاق بالون مليء بالهواء الساخن وفي غضون ثواني يحلق بعيدا. يبدو من هذا البعد كأنه أصبح جزءا من تلك النجوم الساحرة. أفكر لماذا لا نودع أحلامنا في بالون مثل هذا، ربما هذا أنسب لها. هي تحتاج أن تلامس تلك النجوم البعيدة لكي تتحقق، وإن لم تتحقق يكفينا أنها أصبحت - حتي لو أن هذا سيستمر لدقائق فقط - جزء من هذا المشهد البديع. 

تعرفين بالطبع أنني آتيت إلي هنا فقط لأنني من هؤلاء الحالمين الذين يصدقون في الأساطير، والأسطورة تقول التقط حجرا عندما تشاهد شهاب وتمنى أمنية. للأسف لم أستطع أن أري سوي شهابين فقط فالشهب تومض سريعا وكنت مستغرقا في الأفكار معظم الوقت، لكن لا يهم أتمني أمنيتين بمجرد  واتمتم بصوت خافت تلك الأماني ثم القي بالحجرين بعيدا واثقا انه في زمن اخر ربما علي كوكب بعيد استعمره احفادنا ستكون هذه الحجارة جزءا من شهاب يرصده فتي اسمر اخر غير عالما انه منذ مئات السنين كان هذا الحجر يحمل أمنيات عن الحب والسلام تخص فتي تائه له نفس لون البشرة بدأ يشعر انه وجد الطريق في نفس الليلة التي تمني فيها تلك الأمنيات!



                                                                                          المخلص لكي على الدوام/ 
                                                                                                                            محمود