الأحد، 8 مايو 2016

مواسم هجرة الأحزان

*الصورة تصوير الصديق شريف حسني !

The legend says one must pick up a stone and make a wish when sees a meteor
عزيزتي/
اكتب لك هذه المرة بينما النجوم تظلل رأسي والصحاري الواسعة المظلمة التي لا تري نهايتها علي مدى بصرك كأنني انتمي لزمن اخر ليس زمن الحوائط العالية والمباني التي تجثم علي الأنفس وتخنقها. ربما الحقيقة بالفعل اننا ننتمي إلي هناك بشكل أو بآخر، ومآلنا النهائي هو غبار سيحيط بتلك الاجسام المنيرة غبار له جمال أحلامنا لكنه مبعثر مثلها بعد تطايرها.
لا اعرف عن ماذا اكتب لكنه شيطان الكتابة - أو هو ملاكها لا أعرف يقينا - يدفعني دفعا لهذا ربما أكتب عن نظارتي التي سأستبدلها قريبا وبفعل هذا سأشعر انني تخلصت من كل آثام - ان كان يجوز لي تسميتها بهذا - العام الماضي فخلاف روحي التي مرت بكل هذا تلك النضارة هي آخر ما يربطني بهذا الزمن الذي يبدو بعيدا الآن. ربما نضارة جديدة ستساعدني على رؤية الأمور أفضل، الضباب الذي أحاط بروحي سيتلاشي باستخدام عدسات جديدة.ربما...

حسنا لا تغضبي يا حلوة، أعرف أننا اتفقنا أن ما انتهي كان يجب أن ينتهي، وأننا يجب أن نواصل حياتنا. لكن لنعتبر أن هذا هو موسم هجرة الأحزان وأن هذه النجوم العظيمة التي لن أري مثلها قريبا هي اشارة بداية هذا الموسم لهذا كان يجب أن ألمح للأحزان قليلا حتى أستطيع أن أكتب عن موسم هجرتها. دعنا من كل هذا الآن ويمكننا التحدث قليلا عن الفتيات التي يكتبن عن الحب الذي سيغرقون في بحوره بمجرد أن يجدونه، ولكنهن يتركونه علي قارعة الطريق ويسيرون في طريقهم دون أن يلقون بالا له. ثم يأتون بعد عشرات السنين ليتحدثن عن قسوة تلك الدنيا غير عالمين أن القسوة تقبع في قلوبهم ذاتها. فتيات جميلات، كلماتهم رشيقة لكنهم أبدا لم يعرفوا معنى الحب الحقيقي وإلا ما عاملوه بكل هذه القسوة. أعرف أن الحياة قد تفرض علينا الكثير من الأشياء، لكن لا أؤمن أبدا أن ما يفعلونه جزء من تلك الأشياء التي يجبرنا عليها العالم!ّ

دعينا من الفتيات والحب وكل تلك الأشياء التي لا نهاية لها. هذا المنظر المذهل والظلام الذي يبدو بلا نهاية يغري  بالحديث عن أشياء أخرى مثل  هؤلاء الفتيان الذين يتقدون حماسة و يتحدثون عن المغامرات ونشوة المخاطر ثم بهم الحال في وظيفة في إحدي الاحياء التي لم يسمع عنها احد من قبل سوي سكان تلك البقعة التعيسة من العالم، فقط لأن خوفهم انتصر في لحظة هشاشة يشبهون الشهاب الذي ينتقد لثانيتين فقط ثم ينطفأ للأبد. الأمر محزن ومربك عزيزتي، كيف تتلاشي كل هذه الحماسة. كيف يمكن لأشياء من المفترض أن تجعلنا أكثر سعادة كالمال والزواج والوظائف الرائعة في الشركات التي يحلم الكثير بالعمل فيها أن تمتص كل هذا الحماس وتحولنا لأشياء عديمة النفع خاوية الروح. لا أعرف لكنني أعد نفسي أمام كل هذه النجوم أنني سأحاول قدر الإمكان ألا أتحول مثلهم. لعلي أنجح في هذا عزيزتي!

الآن انتهي من إطلاق بالون مليء بالهواء الساخن وفي غضون ثواني يحلق بعيدا. يبدو من هذا البعد كأنه أصبح جزءا من تلك النجوم الساحرة. أفكر لماذا لا نودع أحلامنا في بالون مثل هذا، ربما هذا أنسب لها. هي تحتاج أن تلامس تلك النجوم البعيدة لكي تتحقق، وإن لم تتحقق يكفينا أنها أصبحت - حتي لو أن هذا سيستمر لدقائق فقط - جزء من هذا المشهد البديع. 

تعرفين بالطبع أنني آتيت إلي هنا فقط لأنني من هؤلاء الحالمين الذين يصدقون في الأساطير، والأسطورة تقول التقط حجرا عندما تشاهد شهاب وتمنى أمنية. للأسف لم أستطع أن أري سوي شهابين فقط فالشهب تومض سريعا وكنت مستغرقا في الأفكار معظم الوقت، لكن لا يهم أتمني أمنيتين بمجرد  واتمتم بصوت خافت تلك الأماني ثم القي بالحجرين بعيدا واثقا انه في زمن اخر ربما علي كوكب بعيد استعمره احفادنا ستكون هذه الحجارة جزءا من شهاب يرصده فتي اسمر اخر غير عالما انه منذ مئات السنين كان هذا الحجر يحمل أمنيات عن الحب والسلام تخص فتي تائه له نفس لون البشرة بدأ يشعر انه وجد الطريق في نفس الليلة التي تمني فيها تلك الأمنيات!



                                                                                          المخلص لكي على الدوام/ 
                                                                                                                            محمود