الجمعة، 19 فبراير 2016

الطريق إلى ايثاكا - شبه قصة قصيرة

هذا النص يأتي برعاية هذا الدفء الغير متوقع الذي شعرت به اليوم والذي سأكتب عنه قريبا :))
تقود عربة في ليلة ممطرة في احدى تلك الطرق التي لا تضئ مصابيح إنارتها أبدا - باستثناء في ظهيرة أغسطس بالطبع - الجو يبعث على الكآبة، أم كلثوم تشدو إحدي أغانيها الكئيبة، الأطلال مثلا، تتذكر كل من مات من أحبتك في حادثة على طريق سريع، وكل تلك الأفكار الكئيبة التي تناسب الظلام المحيط وأطلال الست. تعتاد على الطريق بظلمته وقطرات المطر التي تصطدم بزجاج السيارة. حتي الآن الأمور معتادة تصلح كقصة مملة تحكيها لزوجة تنتظرك في نهاية الطريق، أو كسطور تكتبها في مذكراتك عن خاطرة سخيفة في ذهنك.
لكن فجأة المطر يتحول لرذاذ خفيف يبعث البهجة في النفس، الست تشدو الآن "يا ليلة العيد أنستينا"، ترفع حاجبيك دهشة فأي عيد ذلك الذي يحل الآن. لكن على أي حال لا يهم ربما المسئول عن اختيار الأغاني تلقى المكالمة التي انتظرها طويلا من حبيبته تخبره فيها بموافقتها على أن ترتبط به، فكانت الليلة عيدا له بكل تأكيد. تستريح لهذا الخاطر وتبتسم أيضا، تحاول أن تتخيل اسم حبيبته تلك التي بعثت البهجة في نفوس آلاف المستمعين، لا تجد أفضل من اسم حبيبتك القديمة تلك التي رغم انتهاء كل شيء قادرة على بعث بهجة في نفسك كلما تذكرتها. إلى الآن أيضا الأمور عادية ربما باستثناء حبيبة فني الإذاعة الجميلة تلك.
فجأة تجد أمامك على جانب الطريق فتاة تشبه تلك الصبية التي كانت تجاورك في الصف الرابع الابتدائى "آية "على ما تتذكر". تشير لك أنها تحتاج مساعدة في تغيير إطار سيارتها المثقوب. وكأى ذكر مصرى أصيل تتقمص دور الفتي (الجنتلمان) بينما أنت في حقيقة الأمر تشكر المسمار والصدفة الكونية التي ألقت بتلك الفتاة الجميلة في طريقك. تتبادل معاها حديث عادي عن مهنتها ومهنتك بينما في ذهنك أنت تحكي لها تاريخ حياتك كله حتى أنك حكيت لها عن فتاة الإذاعة الجميلة. تودعها ولا تنس أن تأخذ رقم تليفونها لتبث لها بما وددت أن تقوله حقا.
الطريق على وشك النهاية ومع نهايته تقابل عجوز يشبه جدك، أو للدقة الصورة المتخيلة لجدك الذي لم تراه أبدا. يشير لك قائلا "والنبي يا ابني عاوز اروح العصافرة لو في طريقك"، لا تعرف أين العصافرة، وتتساءل في دهشة كيف وصلت للإسكندرية. الأمور كلها كانت تدور في طريق سريع مبهم ليس طريق اسكندرية بالتأكيد. تبتلع دهشتك وتوافق على توصيله، يحدثك العجوز عن قصص المغامرين الخمسة. تتحمس فتسأله عن هاري بوتر. يخبرك بفتور " والنبي يا ابني واحد من احفادي كان حكالي عنها قبل كدة ". يتحول فتوره في ذهنك عن قصة صاحبه الذي كان يتبادل معه قصص هاري بوتر لكنه هاجر إلى ألمانيا الآن. تصلوا إلى العصافرة الآن فتودع العجوز بابتسامة. تعرف الآن أن الرحلة قد انتهت
الرحلة انتهت وأنت تحمل في جبعتك ذكريات جميلة عن فتاة فني الإذاعة التي تحمل اسم فتاتك القديمة، فتاة جميلة لم تعرف اسمها لكنك حكيت لها إلى أين تتجه وعن فتاة فني الإذاعة وبالطبع عن فتاتك. وأخيرا عجوز قديم يعرف قصص هاري بوتر وكان يملك صديق يتبادل معه تلك القصص يذكرك برفيقك الذي تركته في بداية الطريق السريع!
ذاك هو الطريق إلى ايثاكا، فتاة جميلة وعجوز حكيم يذكرك بطفولتك وقصص حب متناثرة تلتقط خيوطها بسهولة كعادتك دوما.