الجمعة، 24 يوليو 2015

الطموح و الخيالى

تتملكنى شخصيتان الطموح الذى لا يتوقف فى طريقه لمطاردة أحلامه و الخيالى العاطفى الذى يتألم كثيرا و يتلفت يمينا و يسارا فى طريقه، اعتدت أن تتغلب إحدى الشخصيتين على الأخرى فتنزوى الشخصية الثانية فى الركن حاضرة لكنه فقط الحضور الذى يضمن عدم انحراف المسار 


أحب الكتابة كثيرا و أحب الهندسة أيضا ربما هذا أوضح تجلى لما أتحدث عنه الخيالى يرى نفسه كاتب وأديب يصنع عوالمه الخاصة بينما الطموح لا يفهم سوى لغة الأرقام يعشق البرمجة والمنطق، أتخوف من لحظة أقرر أن أسحق احدى الشخصيتين لكى تعيش الأخرى و أمل أن أصل لمرحلة التوازن بينهما لكن هذا ليس وقت تلك المخاوف و الآمال دعنا نتحدث عن الماضى قليلا 


قبل الثورة - الحدث الذى أثر كثيرا على عالمى الصغير - كان الطموح هو المسيطر لا يعرف قلبه الحب فقط يرى مستقبل درجات يجب أن يحصل عليها كلية يحب أن يلتحق بها، لكن الخيالى كان حاضرا فى تلك الكتب الذى كنت أقراها بين الفينة و الأخرى، كان حاضرا مع مسعد رفيق السنة الأولى فى كليتنا و مغامراتنا الساذجة مع الجنس الآخر - بالأحرى مغامراته هو و مشاركتى فقط بالنصيحة -.

ثم جاءت الثورة و هنا وجد الخيالى فرصته لكى يلقى بالطموح فى البقعة المنزوية و يسيطر هو، كانت البلد تغلى التغيير يطول كل شيئ و لم أكن استثناء، بدأت الكتابة على استحياء وقررت أن أخطو أولى خطواتى لأتحدث إلى تلك الحسناء التى أعجبتنى، شاركت فى الأنشطة الطلابية انطلقت بشغف أتحدث فى السياسة و أقرر أن أشارك بها.

لم يقاوم الطموح تلك التغيرات لكنه ظل هناك يذكرنى بالهدف و أننى يمكننى المشاركة لكن ليس إلى حد الإنغماس الكلى ربما لهذا لم أكمل تجربة للنهاية ظللت دوما تتنازعنى رغبات الطموح و شغف الخيالى، لا أعرف هل كان جديرا بى أن أنغمس فى تجاربى أكثر من هذا أم أن الطموح أنقذنى و سمح لى بالإنغماس الذى لا يضر ظللت هكذا طوال أربع سنوات حتى كانت السنة الأخيرة فى دراستى بالكلية رفضت الحسناء حبى وقرر الخيالى أن يتألم فعصف بى الألم بالفعل ولكن هنا ظهر الطموح كفارس منقذ لى كنت فى منافسة شرسة مع زملائى على الترتيب النهائى لنا فى قسمنا و كنت بحاجة لمعجزة حتى أحقق الترتيب الذى أنشد و لكن هذا الألم كان ينذر بأسوا درجاتى على الإطلاق لكن الطموح أنقذنى وحققت المعجزة و تم تعيينى معيد بالكلية.

 كانت كل المؤشرات تقول أن بعد هذه المعجزة حان ميعاد تولى الطموح القيادة لفترة جديدة لكن لم أكن أملك خطة بعد التخرج كنت فى مرحلة إنعدام الوزن و كان المستقبل يبدو غامضا و كانت هناك تلك الفتاة الجميلة فقرر الخيالى أن يعود مرة أخرى للسيطرة و يخوض مغامرة أخرى ، كانت البدايات تشير أن السعادة القصوى ستكون  هى مآل تلك المغامرة و أن الخيالى سينجح و مع نجاحه سيترك الفرصة للطموح لكى يباشر مهمته و أننى فى النهاية سأحقق التوازن بين الإثنين لكن تأتى الرياح بما لم تشتهى السفن تقرر الفتاة فى منتصف الطريق أن تعود و تتركنى وحيدا، جرت أمور كثيرة حاول الخيالى أن يجعل المغامرة  تنجح بكل السبل -ربما أتحدث عنها لاحقا - حتى أن الطموح قرر أن يساعده لكن لا جدوى هنا قرر الطموح أن يتدخل ثانية و لكنه هذه المرة لن يترك الخيالى يقود ثانية ربما لفترة طويلة من الزمن سيسمح له بالتأكيد ببعض المغامرات لكن القيادة الكلية لا فكفى الندوب التى أصابت روحى بسبب الخيالى الساذج الذى يجعلنى أحب بكل جوارحى